مساحة إعلانية
أسوار تحيط قصر أبناء الأستاذ “ فضل “ من كل جانب، وبوابة حديدية يقف عليها حراس غلاظ شداد ، من أنتم ؟ سؤال طُرح بعد أن استخرج كل منهم هويته ، نحن أقارب سعادة السفير وأهل قريته ، انتظروا هنا قليلاً فسعادة السفير يستعد للذهاب إلي وزارة الخارجية ، وصل الأمر إلي سعادته ، إمتعض وجهه ، لم يكن الترحيب كما هو أهله ، طرح عليهم سؤالا: إن أردتم أن تتحدثوا علي ما أظن أنكم قادمون من أجله فلا حديث لكم عندي ووقتي لا يسمح بأكثر من ذلك ؟! استيقن الجمع بأن الأمر إزداد سوءاً فولوا الدُبر راجعين ، توقفت أنفاس “فضل “ وكأنه قرأ علي وجوههم نكسة السفر ، حاولوا أن يقنعوه بأنهم لم يقابلوا سعادة السفير ، لم يكن الأمر سهلاً ليخبروا به الاستاذ “فضل “ فمتسع الأيام في ظنهم كفيلة بأن تُعيد المياه إلي مجاريها ، مر يوم يأكله يوم وحال الأستاذ “فضل” يزداد سُوءا ، حَبس الرجل نفسه أدراج منزله فالأمر أسوأ حالاً من أن يفضح ستره في أولاده بين الناس ، قد بدا علي الناس أنهم نسوه ولم يعودوا يسألوا عنه فكل مشغول بنفسه ، جرس يدق باب المنزل بعد غياب دام لأشهر معدودة ، لم تكن الصحة تساعد الأستاذ “ فضل “ أن يفتح فيه ليعرف من يدق الجرس ، حاول أن يقف مُستندا علي ما تبقي من أساس المنزل ، خُطوة يتبعها سقطة ، وجرس الباب يزداد رنيناً ، خطوة واحدة متبقية علي أن يصل إلي الباب لفتحه ، يده تمتد لتصل إلى” أُوكرة “ الباب ورجْل تسقط أدراج الأرض ، فُتح الباب ، سقط الأستاذ “ فضل “ علي الأرض ، صوت يصرخ بابا بابا بابا ، كلمة رجت أركان المنزل لكن تأتي الرياح بم لا تشتهي السفن ، سيارة الإسعاف ، نقل الرجل إلي المستشفي ، وقت يمر بدون جدوي وكأن الرجل فارق الحياة ، بدأ التنفس يعود إلي الجسد مرة أخري ، عين تتسع لتري من حولها ، وجه يَطُل عليه يمسح بيده فوق رأسه ، حمدالله علي السلامة يا بابا ، عادت الروح إليه وكان زئبق الحياة قد أعطي له ، نعم هي الدكتورة - ابنتي - تبسم وكأن شيئاً لم يكن - أنا أسفه يا بابا - مد يده لتتسع لحضن ابنته التي غابت عنه طويلا ، أخرجت هاتفها الو، الو ، معالي السفير ، بابا مُتعب جدا ولازم تحضر فورا ، سمع الرجل الإتصال ، تبسم بسمة حُزنه الأخير ، قبلت يده ورأسه، قَبلها ، مد يده أخري ليحتضنها ، زفرةٌ وراء أخري سُلمت الروح إلي بارئها .
hyasser10@yahoo.com