مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الهيام هو فرط الحب، ينصرف المحب إلى محبوبه وينسى نفسه وطعامه وشرابه حتى يصير كالهيكل العظمي، وقد يصل إلى الجنون. ومن العجيب أن الجمال تصاب أيضًا بالهيام، ولكنها تهيم بالشمس وتظل تراقبها من المشرق إلى المغيب، تنظر إليها بلا طعام ولا شراب حتى تموت جائعة عطشى وهي تنظر إليها.
ولكل منا هيامه الذي تملك قلبه وسلب عقله. منا من يهيم بشخص ما ويظل منقادًا له طوال عمره، لا يغادر قلبه ولا عقله، مهما كان شكل هذه العلاقة من الطرفين أو من طرف واحد، ومهما ظلم هذا الهائم يظل على حاله. ومنا من يهيم بنفسه، يكون شديد الحب والإعجاب بذاته حد الهوس، تتملكه نرجسية تنفر منه كل من يقترب منه، ولا يهمه إنسان غيره في الكون كله، ويرى نفسه محور الكون وغيره يدور في فلكه. وتساهم التربية من الصغر في تشكيل الشخص النرجسي، عادة شخص نشأ مدللًا، تلبي له كل أوامره بلا حساب، لذا يرى أن كل ما يمنحه الآخرون له حق مكتسب، وهو غير مكلف بأي شيء.
ومنا من يكون هيامه بعمله، فينصرف إليه بكل قوته، تاركًا كل شيء، مكتفيًا بنجاحه وتحقيق المزيد من التقدم والمكاسب. ويظهر ذلك جليًا في العلماء والمكتشفين والمخترعين وبعض رجال الأعمال وأصحاب النشاط. وهناك من يهيم بوطنه وبلاده حد التضحية بالمال والنفس، وهو أشرف أنواع الهيام.
ومن أسوأ الناس ذلك الشخص الذي يهيم بالمال، يجعله شغله الشاغل، لا يعيش حياته، ولا يستمتع بنعم الله عليه، وكل همه كنز المال، كما يقال عنه عبد المال.
وأنت وأنا، ترى أي نوع من الهيام هو هيامنا دون أن نشعر؟
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
