مساحة إعلانية
في عالمٍ يعاني من أزمات غذائية متكررة، بات السؤال عن بديل القمح مطروحًا بقوة، خاصة مع التحديات التي فرضتها الحروب، التغيرات المناخية، وارتفاع الأسعار. القمح، الذي يشكل حجر الأساس في غذاء الشعوب، لم يعد مضمون التوفر كما كان في السابق. فهل يمكن أن نجد له بديلًا؟ وإن وُجد، هل يقبل به الناس؟
الواقع أن البدائل موجودة، لكنها ليست جميعها قادرة على سد الفراغ بالكامل، لأسباب تتعلق بالتكلفة، الطعم، والقيمة الغذائية. من بين هذه البدائل نذكر:
الشعير: من أقدم الحبوب التي اعتمد عليها الإنسان. غني بالألياف ويساعد في ضبط مستوى السكر في الدم، لكن طعمه لا يناسب جميع الأذواق، ويحتاج لمعالجة خاصة قبل استخدامه في المخبوزات.
الذرة: شائعة في كثير من الدول، خصوصًا أمريكا اللاتينية. يمكن تحويلها إلى دقيق، لكنها تفتقر إلى مادة الجلوتين، ما يصعب استخدامها في صناعة الخبز بالطريقة التقليدية.
الكسافا (المانيوك): أو اليوكا جذر نشوي يُستخدم بكثرة في إفريقيا وأمريكا الجنوبية. يُطحن لصنع دقيق خالٍ من الجلوتين. لكنه يحتاج لتقنيات معينة لإزالة السُمية الطبيعية فيه قبل الاستخدام.
القطيفة والكينوا والدخن: حبوب قديمة تعود إلى الواجهة، وتتميز بقيمتها الغذائية العالية. بعضها بدأ يُستخدم في الخبز والبسكويت كمزج جزئي مع دقيق القمح.
لكن يبقى التحدي الأكبر في تغيير العادات الغذائية، فالشعوب اعتادت طعم الخبز المصنوع من القمح، ولا تتقبّل بسهولة البدائل. كما أن دعم الحكومات لزراعة هذه البدائل لا يزال محدودًا في كثير من الدول.
في مصر، بدأ التفكير فعليًا في دعم زراعة الشعير والذرة أو الرفيعة، خاصة في المناطق الصحراوية. كما ظهرت مبادرات لإنتاج خبز "مخلوط"، يجمع بين القمح ومحاصيل أخرى لتقليل الاعتماد الكلي على القمح المستورد.
إذاً، البديل موجود، لكن الانتقال إليه يحتاج إلى إرادة سياسية، ووعي شعبي، وتطوير صناعي. علينا أن نخرج من عباءة الاعتماد على سلعة واحدة، فالأمن الغذائي لا يُبنى على محصولٍ واحد، بل على تنوع ذكي ومستدام.