مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

ناصر كمال يكتب: صوت العقل (نظريات نقدية في الأدب الأفريقي)

2024-09-06 15:44:27 - 
ناصر كمال يكتب: صوت العقل (نظريات نقدية في الأدب الأفريقي)
ناصر كمال -كاتب
منبر

منذ ظهور الأدب الأفريقي باللغات الأوروبية في القرن التاسع عشر، لم يتوقف البحث عن نظريات تلائم خصوصيته التي تتمثل في اللغة والسياق الثقافي والمضمون، وخاصة في مجال كتابة الرواية والقصة. يثار حول هذا الموضوع الكثير من الجدل، فهناك آلاف اللغات المحلية التي تتحدث بها شعوب القارة، ولكن لم يتم الاعتراف بها من قبل النقاد، بل من قبل أدباء القارة أنفسهم. وذلك مقابل الأدب المكتوب باللغات الأوروبية، وباللغة الإنجليزية علي وجه الخصوص، واعتبار اللغات المحلية بمثابة لغات للتخاطب بين العامة ولا تصلح للكتابة. علي سبيل المثال، رواية “أشياء تتداعى” لتشينوا أتشيبي تم ترجمتها إلي أكثر من خمسين لغة، باستثناء لغة الإيجبو، اللغة المحلية للكاتب. علي الرغم من شهرة الرواية العالمية، إلا أن بعض النقاد اعتبروا أن تشينوا أتشيبي لم يصوّر الواقع الأفريقي بطريقة تعكس التحديات التي يواجهها، بل يُستخدم كأداة لتلبية توقعات القراء الغربيين بشكل أكثر من تقديم صورة دقيقة لثقافة الإيجبو وتجربتها.
في كتابه “نهضة الرواية الأفريقية”، أوضح موكوما وانجوجي التحديات الناتجة عن استخدام اللغة الإنجليزية كلغة للأدب الأفريقي، إذ اعتبرها لغة النخبة والصفوة، في حين تُستخدم اللغات الأفريقية المقدرة بالآلاف في التعامل اليومي بين العامة. وقد نتج عن ذلك فقدان جزء كبير من هوية الأدب الأفريقي وتعقيداته الثقافية واللغوية. كما أشار أوبي والي في نقده لمؤتمر ماكيريري إلي أن فهم الأدب الأفريقي يجب أن يشمل التنوع اللغوي والثقافي لشعوبه المختلفة، فأفريقيا في النهاية ليست بلدا واحدا.
إن تطوير نهج نقدي يحترم تعدد اللغات والثقافات في أفريقيا ضرورة ملحة، ويجب أن يكون النقاد علي دراية واسعة بتنوع هذه اللغات والثقافات لتقديم تحليلات أدبية شاملة وعميقة. هذا بالإضافة إلي أهمية التركيز علي الأدب الشفوي كجزء لا يتجزأ من التراث الأدبي الأفريقي، وعلي تحديات الترجمة التي تواجهها أعمال الأدب الأفريقي للوصول إلي جمهور عالمي أوسع.
قراءة الأدب لا يمكن أن تخلو من النظرية، كما أكد “جابرييل صنداي بامغبوسي” في مقالته “النظرية والتطبيق في النقد الأفريقي المعاصر”. يوضح بامغبوسي أن أي حديث أو كتابة عن الأدب يرتكز علي نظريات، ويستشهد بـ “ستيف أوجونبيتان” حول أهمية النظريات في قراءة الأدب. يذكر بامغبوسي أيضًا أن تقييم الأدب الأفريقي قد استفاد بشكل كبير من تطبيق أساليب مستمدة من النظريات الأدبية المعاصرة مثل ما بعد الحداثة، الماركسية، النسوية، والهيكلية

مساحة إعلانية