مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

ناصر كمال يكتب: صوت العقل (صداقة)

2024-03-27 11:17 PM - 
ناصر كمال يكتب: صوت العقل (صداقة)
ناصر كمال
منبر

- كان مثالًا للأخلاق الحميدة والتربية السليمة فلم يشاركنا لهونا المندفع أيام الجامعة بل ظل يكيل لنا الوعظ والإرشاد ..كنا نرتدي القمصان الملونة التي انتشرت في فترة التسعينيات والسراويل الواسعة ونقص شعرنا تبعا للموضة الرائجة التي نقلد بها مشاهير الغناء والسينما وقتها..  حين كان هو محافظًا علي مظهره المتزن والوقور الذي رحنا نسخر منه كثيرًا.. رأيته بعد مرور 25 سنة علي تخرجنا وكان الشعر الأبيض قد كساني وتضخم كرشي ..فلم أعرفه ..كان قد أطال شعره المصبوغ مرتديا بدلة أنيقة تظهر قوامه الرياضي.. أشار لي بيده من نافذة سيارته الفارهة ..أخطو نحوه لأري بجانبه سيدة رائعة الجمال .. يخبرني أنها زوجته.. بعد نقاش قصير انطلق بسيارته في حين اتجهت أنا نحو أطفالي الصغار وزوجتي التي كانت تنتظرني في الطريق المقابل عند عربة الفاكهة لنشتري بطيخة للغداء.
- تخرجا معًا من الجامعة وعملا معا معلمين في نفس المدرسة ..كان لا يفترقان أبدا ..فكلا منهما يجد الآخر سندا له في مواقف حياته المختلفة السعيدة منها أو القاسية .. كان احدهما ولندعوه “س” اجتماعيًا استطاع ان يكسب ثقة مديره ورؤساءه في الإدارة ولوسامته ولباقته تمكن من قلب ابنة وكيل الوزارة وتزوجها وخاض انتخابات النِّقابة وفاز بعضويتها وتم ندبه ليصبح رئيس مكتب وكيل الوزارة ..كان الآخر ولندعوه “ص” منطويًا إلي حد ما لا يعرف من الدنيا إلي أن يتقن عمله بجد واجتهاد .. كان “ص” يعتقد أن الصداقة سوف تدوم بينهم ولكن الأخير راح يتهرب من مقابلته حتي فهم أن صداقتهم قد انتهت عند ذلك الحد ..بعد سنوات طوال تم إحالة وكيل الوزارة إلي المعاش وخسر صديقنا “س” انتخابات النِّقابة وعجز علي أن يحتفظ بمنصبه فتم إلغاء ندبه ليعود معلمًا في نفس المدرسة التي أصبح صديقه “ص” مديرًا لها.
- رغم فقره كان متفوقا في دراسته ..يحصل علي المركز الأول علي مستوي محافظته كل عام بينما صديقه رغم غناه كان محدود الذكاء يحصل علي درجة النجاح بصعوبة بالغة ..في الثانوية العامة أجتهد بشدة ولكنه أصيب بمرض نقل بسببه إلي المستشفي قبل الامتحانات بفترة وجيزة مما أضاع عليه وقت كان في حاجة ملحة إليه.. لم يستطع الحصول علي درجة تؤهله لكلية من كليات القمة فحصل مع صديقة علي درجة متواضعة ..دخل كلية الزراعة بينما استطاع صديقه دخول كلية طب خاصة ...عاش صديقنا حياة بسيطة في الأرياف وأصبح صديقه صاحب مستشفي خاصة مشهورة في المدينة ...تقابلا صدفة وكان المهندس سعيدا مرحا بينما الطبيب عابسا مهموما.

مساحة إعلانية