مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

محمود رمضان الطهطاوي يكتب: في مديح المحبة .. د. وفاء الحكيم شهر زاد الجنوب (2)

2024-05-03 18:16:46 - 
محمود رمضان الطهطاوي يكتب: في مديح المحبة .. د. وفاء الحكيم  شهر زاد الجنوب (2)
محمود رمضان الطهطاوي
منبر


 تدخل القاصة (( وفاء الحكيم )) من باب الحداثة ، لتطل علينا بسرد قصصي مغاير لما هو تقليدي فج ومستهلك ، وما هو حديث معتم ومظلم ومبهم ، فنجدها تقف في منطقة محايدة ، مغايرة ، تتمرد بوعي ، وتشجب بحرفية ، تعبر في المتاح لنا من قصصها عن المرأة الشرقية وما تعانيه من قهر ، بأشكال متعددة ، ترسم لنا العلاقة بينها وبين الرجل بكل ما فيها من شد وجذب ، وردي وشائك .. باختصار أنها تعبر عن ذاتها / الأنثي ، فعندما نقرأ قصة (( قطرة عالقة )).. نجدها تطرح هذه العلاقة بينها وبين الرجل  بطريقة غير مباشرة و ببناء حداثي مكثف وواعي ، يرمز ولا يصرح ، يطرح مفاتيح الصراع ، ولا يدخلك البناء / الطرح ، بسهولة .. ترسم هذا الصراع بكل ما فيه من شد وجذب ، وقهر لذات الأنثي ، قهر تفرضه العادات والتقاليد ، تفرضه قيود بالية ومستهلكة ، تعبر عن هذا القهر بصورة مكثفة واعية : (( الآن أصبحت - لكم كنت أتمني أن أكون شيئا مختلفا - غير هذا الفراغ المادي الذي كبلوني به .. كنت أتمني أن أكون قطرة ندي -توحي للعاشقين كل يوم بطعم مختلف - في شفاه ربما تمضغ فتافيت الألم .. لكن لا تلبث أن تلفظه ، وتعود تتذوق طعم الأفكار في الصفح ، في الشجن ، ومواسم العشق .. التي تخرج ثمارها من شجر أخضر لذيذ )) .
     وتطرح قيمة هذه العلاقة من منظور آخر ، وبرؤية انثوية  (( الآن حدث الخطأ الذي لم يتوقعه ولا أنا  سار في صحراء الظمأ فالتهمه الخطأ ، بحث عنه بدوني فوجد نفسه سراباً لا يشي )) .
     هذا الصراع الأزلي التي تطرحه القاصه بشكل غير مباشر ، كما طرحته من قبل الكاتبة البحرينية (( فوزية رشيد )) عبر روايتها (( قلق سري )) ، وإن كانت بطلة رواية فوزية رشيد تمردت علي هذا الوضع ، وهربت من قهرها ، علي عكس بطلة قصة ( ( قطرة عالقة )) لـ ( وفاء الحكيم )) المستسلمة الخاضعة ، إلي الحد التي تقول فيه في نهاية القصة : (( إلي أن أصبحت - قطرة عالقة في المساحات الفاصلة ما بين الندم ، وبرء الروح فجلست هناك أهدهده كلما انتابه الغرور أذكره بأن يديه تتحرك بتحنان يد غفرت لنا خطيئتنا الأولي .. ومازالت تغفر خطايانا الأخري المتتالية )) .
    ولكن نجحت القاصة في طرح الرمز ، وتعبيرها عن هذا القهر / السجن الجماعي : (( الآن أصبحت - وهم يفعلون معي مثلما يفعلون مع الأخريات .. جميعا - اصبحن في خندق واحد ثم جرفتنا يد الأخير - نحو برزخ زجاجي - ذو حواف مدورة كلما استقرت أحدنا علي حافة وجدت نفسها تهتز ، ووجدت نفسها تكبل أختها حتي لا تنفلت من تماسك الايدي - فتفقد اتزانها ))

مساحة إعلانية