مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

محمد فتحي السباعي يكتب : ميريت آمون.. محبوبة آمون وسيدة القلوب بصعيد مصر

2025-11-06 11:37 AM - 
محمد فتحي السباعي يكتب : ميريت آمون.. محبوبة آمون وسيدة القلوب بصعيد مصر
محمد فتحي السباعي
منبر

في قلب صعيد مصر، وتحديدًا بمدينة أخميم بمحافظة سوهاج، يقف تمثال ضخم شاهق الارتفاع، يُعد من أعظم ما أبدعته يد الفنان المصري القديم، يجسد جمال الملكة ميريت آمون، ابنة الملك العظيم رمسيس الثاني والملكة نفرتاري، التي حملت لقب "محبوبة آمون"، لتصبح واحدة من أبرز نساء مصر القديمة وأكثرهن حضورًا وتأثيرًا.

 ابنة الملك وزوجته

ولدت ميريت آمون في القصر الملكي بطيبة، عاصمة المجد والعظمة، ونشأت في كنف والدها رمسيس الثاني الذي اعتبرها من أحب بناته إليه.
وبعد وفاة الملكة نفرتاري، أصبحت ميريت آمون الزوجة الملكية الكبرى لوالدها، وهو تقليد ملكي كان شائعًا للحفاظ على نقاء الدم الملكي واستمرار شرعية الحكم.

حملت ميريت آمون ألقابًا عديدة منها "زوجة الملك العظمى" و"سيدة الأرضين" و"محبوبة آمون"، ما يعكس مكانتها الدينية والسياسية الرفيعة داخل البلاط الملكي.

تمثال يروي قصة العظمة

في منطقة أخميم، اكتُشف تمثال ضخم للملكة ميريت آمون يُعد أكبر تمثال لامرأة في صعيد مصر.
يصل ارتفاع التمثال إلى نحو 11 مترًا، ويزن عشرات الأطنان من الجرانيت الوردي، وهو من أندر وأجمل ما اكتُشف من آثار الأسرة التاسعة عشرة.

يُظهر تمثال الملكة في هيئة سامية مهيبة ترتدي التاج الملكي المزيَّن بالكوبرا، وعقدًا فخمًا، وثوبًا منقوشًا بدقة فائقة.
ويُجسّد التمثال بوضوح هيبة المرأة الملكية ودورها المقدس في طقوس العبادة، خصوصًا تلك المرتبطة بالإله آمون.

 رمز الجمال والقداسة

لم تكن ميريت آمون مجرد أميرة جميلة، بل كانت رمزًا للجمال المقدس، يجمع بين الأنوثة والهيبة والروحانية.
اسمها ذاته "ميريت آمون" يعني "المحبوبة لدى آمون"، ما يعكس ارتباطها الوثيق بالعبادة الملكية والدين الرسمي للدولة.
وقد أظهرتها النقوش والجداريات في وضع مهيب إلى جوار والدها رمسيس الثاني، تشاركه الطقوس والقرابين، ما يعكس مكانتها كركيزة دينية وسياسية في الدولة الحديثة.

 أيقونة صعيدية خالدة

تمثال ميريت آمون اليوم أصبح رمزًا لأخميم، ووجهة سياحية بارزة تجذب الزائرين من داخل مصر وخارجها.
المنطقة الأثرية تحوّلت إلى متحف مفتوح يضم بقايا أعمدة وتماثيل وآثار من معابد آمون القديمة، ليصبح المكان شاهدًا على تاريخ مصر الجنوبي العريق.
ويؤكد خبراء الآثار أن تمثال ميريت آمون لا يُظهر فقط جمال الملكة، بل يعكس براعة الفن المصري القديم الذي وصل إلى ذروة الدقة والإبداع في نحت ملامح المرأة الملكية.

 سيدة القلوب ونجمة المحروسة

تُلقّب ميريت آمون في الثقافة الشعبية الحديثة بـ "سيدة القلوب" و"نجمة المحروسة" تقديرًا لجمالها الذي لا يزول ولرمزيتها الخالدة.
هي ليست مجرد أثر صامت من الماضي، بل رسالة من التاريخ تقول إن المرأة المصرية كانت – ولا تزال – شريكًا في الحضارة، حاملةً للنور والجمال والإيمان.

بين أحجار الجرانيت الصلبة، تنبض ملامح ميريت آمون بالحياة كأنها تهمس من أعماق الزمن:

أنا ميريت آمون... محبوبة آمون، وسيدة القلوب، وجميلة الجميلات التي لا يطويها الغياب."

مساحة إعلانية