مساحة إعلانية
اعتادت الشعوب العربية أن تسمع من حكوماتها بيانات متكررة لا تحمل جديداً سوي الشجب والاستنكار لكل ما ترتكبه إسرائيل من جرائم وعدوانات لم يسلم منها بلد عربي واحد
لكن الحقيقة المرة أن هذه البيانات لا تساوي أكثر من الحبر الذي كُتبت به ولا تُضيف شيئاً علي أرض الواقع سوي المزيد من الإحباط لدي الشارع العربي
فماذا لو جربت الحكومات العربية أن تُترجِم هذه الإدانات إلي خطوات عملية وقرارات ملموسة تضعها إسرائيل في حساباتها؟
وماذا لو توقفنا عن المناشدة المتكررة لـ”المجتمع الدولي” الذي أثبت أنه أصم لا يسمع ولا يري لأنه ببساطة موجود فقط في خيال الساسة العرب؟
لو كان لهذا المجتمع وجود فعلي لما تُركت المنطقة فريسة للفوضي والعدوان
لقد آن الأوان لأن تتجاوز الدول العربية الخطابات التقليدية وأن تتبني سياسات واضحة وقرارات عملية علي الأرض فالقول وحده لا يكفي والإدانة بلا فعل لم تعد تُثني المعتدي. العرب بحاجة إلي رؤية مشتركة واستراتيجية حقيقية تحمي مصالحهم وتفرض احترامهم في أي مفاوضات أو مواجهة، بحيث تصبح قوة كلمتهم بمقدار قوة أفعالهم
ولا جديد ولن يكون هناك جديد لأننا نعيش في زمن القوة؛ لا قانون دولي، لا بيانات، لا إدانات. الكلمة العليا للقوة فقط. إن امتلكت القوة صار لك كلمة مسموعة وإن لم تمتلكها ستُضرب وتُجبر علي السمع والطاعة
وإذا كانت قطر جادة في الحفاظ علي دورها كوسيط وتريد توجيه رسالة احتجاج حقيقية للولايات المتحدة فعليها أن تُسلِّم ملف الوساطة لمصر فهي الدولة الوحيدة التي لم تجرؤ إسرائيل يوماً علي العبث معها لأنها تبقي الرقم الصعب في معادلة التعامل مع تل أبيب
لقد آن الأوان أن يتحدث العرب بلغة يفهمها الآخرون: لغة القوة، لغة الردع، لغة “العين بالعين والسن بالسن”
فلا يفل الحديد إلا الحديد ولا العدوان يوقفه إلا موقف حاسم يُشعر المعتدي أن ثمن عدوانه سيكون باهظاً
ويبقي السؤال: ماذا يمكن أن نخسر إن قررنا تغيير أسلوبنا معهم بعدما جرّبنا لعقود طويلة لغة الاستجداء والشجب بلا جدوى؟
لن يكون للعرب خيار إلا أن يضعوا خلافاتهم جانباً ويتوحدوا ككتلة واحدة تُحسب لها كل خطوة، قوة سياسية ودبلوماسية لا تُستهان بها فالوحدة هي الضمان الحقيقي لردع العدوان وحماية مصالح شعوبنا
اللهم احفظ مصر وأمتنا العربية ووحّد صفوفنا