مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

عقد تعزيز السلام من أجل الأجيال القادمة بقلم آدينه أحمد سعيدوف

2024-10-13 22:48:21 - 
عقد تعزيز السلام من أجل الأجيال القادمة بقلم آدينه أحمد سعيدوف
آدينه أحمد سعيدوف
منبر

 إن ضمان السلام والأمن والاستقرار يتطلب جهودًا صعبة وطويلة الأمد. حيث يرجع أسباب الصراعات التي نشهدها الآن إلى عدم المساواة والظلم. فيتم استخدام القوة العسكرية لمنع التهديدات المباشرة، لكنها لا تستطيع حل المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ويعيش حاليا أكثر من 1.5 مليار شخص في بلدان متأثرة بالحروب والصراعات. 59.5 مليون شخص نازح داخليا، منهم 19.5 مليون لاجئ، أكثر من نصفهم من الأطفال. 
      في مثل هذه الظروف، تأتي مبادرة رئيس جمهورية تاجيكستان لاعتماد قرار خاص للأمم المتحدة بعنوان "عقد من بناء السلام للأجيال القادمة"، والذي تم الإعراب عنه من على منصة الأمم المتحدة في 24 سبتمبر 2024، في الوقت المناسب. إن اقتراح إمام علي رحمان يأتي في الوقت المناسب، لأن جيل المستقبل يحتاج في الواقع إلى السلام حتى يتمكن من العيش بحرية وسلام. إن السلام ليس مجرد حالة مؤقتة، بل هو عملية يجب الحفاظ عليها وتعزيزها من خلال الجهود المشتركة. ومع السلام ستتمكن الأجيال القادمة من العيش في عالم تتحقق فيه أحلام البشرية. 
     وكما أشار إمام علي رحمان في كلمته: "إننا نشهد اليوم زيادة في الصراعات في مناطق مختلفة من العالم، مما يؤدي إلى سقوط مئات الآلاف من الضحايا المدنيين. كقادة، نحتاج إلى الاتحاد حول أهداف مشتركة لضمان السلام الدائم في جميع أنحاء العالم وإنهاء المعاناة الإنسانية بسبب الحروب وعواقبها الرهيبة. لقد حان الوقت لاتخاذ خطوات فعالة لتعزيز الدور الأساسي للأمم المتحدة في حل الصراعات واستعادة السلام والاستقرار على هذا الكوكب. وفي هذا الصدد، أقترح تبني قرار خاص للأمم المتحدة بعنوان "عقد من تعزيز السلام من أجل الأجيال القادمة".
     وفي الواقع، فإن الوضع الجيوسياسي في العالم اليوم يمر بوضع حساس وخطير للغاية. شهد العالم خلال العشرين عامًا الماضية 28 حربًا أهلية، وعملية عسكرية، وحروبًا بين الدول، وصراعات داخلية ودولية، استمر بعضها عقودًا من الزمن. في عام 2024 وحده، حدثت أزمات أو مستمرة بين أذربيجان وأرمينيا، روسيا وأوكرانيا، حروب في الشرق الأوسط، حرب أهلية في بورما، سوريا، السودان، اليمن، لبنان، جمهورية أفريقيا الوسطى، صراع مسلح في الإكوادور وانتفاضة المسلمين في موزمبيق وأمثالهم. تشكل الحروب والصراعات الداخلية والدولية خطرًا على وجود البشرية، وقد يؤدي الفشل في منعها إلى انقراضها. اليوم، أصبحت حياة الآلاف من الأشخاص حول العالم معرضة للخطر، وبسبب هذه الصراعات، يعاني الملايين من الناس من الجوع، ويموت الأطفال ولا يحصلون على الرعاية الطبية، والنساء في وضع ينذر بالخطر باعتبارهن شريحة ضعيفة من المجتمع. وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تقريرها السنوي إن أعلى مستويات النزوح القسري سجلت هذا العام والعام الماضي. ويشير التقرير إلى أنه في شهر مايو من هذا العام، وصل عدد هؤلاء الأشخاص إلى 120 مليون شخص، وتتكثف هذه العملية للعام الثاني عشر. السبب الرئيسي هو الأزمات المستمرة والحروب الجديدة. وعلى وجه الخصوص، أدت الحرب في السودان إلى زيادة هذا الرقم بشكل حاد، مما أدى إلى اضطرار 10.8 مليون شخص إلى الفرار من منازلهم في نهاية العام الماضي. 
      وتقدر وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين أن حوالي 75% من سكان قطاع غزة (حوالي 1.7 مليون شخص) فروا من منازلهم. الوضع أسوأ بالنسبة للسوريين: فقد اضطر ما يقرب من 14 مليون شخص إلى مغادرة أماكن إقامتهم. ووفقاً للتحليل، يحتاج أكثر من 2.9 مليون لاجئ حول العالم إلى المساعدة في العثور على مكان أكثر أمانًا. ومن المتوقع أيضًا أن يزيد عددهم في العام المقبل بنسبة 20% مقارنة بالعام الحالي. الآن، في عامه التاسع، يحتاج السوريون إلى الدعم للعثور على الأمان باعتبارهم أكبر مجموعة (ما يقرب من مليون شخص) في إطار برنامج إعادة التوطين التابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وبعدهم يبلغ عدد اللاجئين من أفغانستان 558 ألفاً، ومن جنوب السودان 242، ومن ميانمار 226، ومن السودان 172، ومن جمهورية الكونغو الديمقراطية 158 ألفاً. 
      إنها نتيجة للحرب وانعدام الأمن حيث يضطر السكان إلى مغادرة منازلهم ويصبحون مهاجرين يطلق عليهم اسم لاجئين مدى الحياة. هذه هي مشكلة الحرب، وخسائرها البشرية والاقتصادية والاجتماعية لا يمكن تعويضها. في مثل هذه الحالة، من المهم جدًا وفي الوقت المناسب التعبير عن اقتراح رئيس جمهورية تاجيكستان بإعلان "عقد تعزيز السلام من أجل الأجيال القادمة". لأن العالم لديه صورة حزينة جدًا. إذا كانت البشرية بطيئة في منع هذا الرعب اليوم، فسوف يستغرق الأمر عقودًا من الزمن لتصحيح هذا الخطأ. إن هذا الاقتراح واعتماد قرار خاص يعني أن دولة واحدة لن تكون قادرة بمفردها على حل المشكلة الحالية، أي استعادة السلام على الأرض. وكما تظهر التحليلات، فإن المجتمع الدولي يتفكك يومًا بعد يوم ويواجه مشاكل عالمية جوهرية. وهذا الوضع مثير للقلق ويسبب الصراع والحرب وانعدام الثقة والانقسام بين البشر. ولا يمكن تحسين التعاون بين البلدان والمناطق بشكل كبير إلا من خلال تعزيز ثقافة السلام. إن ثقافة السلام تعزز العلاقات الدبلوماسية مما يؤدي إلى منع الحروب والحفاظ على الأمن المشترك. 

أستاذ بجامعة طاجيكستان القومية 
Odinahmad-94@mail.ru

مساحة إعلانية