مساحة إعلانية
تعيش غزة وضعًا مأساويًا، سيخجل التاريخ أن يذكره، لأنه تتحدث فيه لغة الدماء فقط.
غزة تناضل وحدها ضد عدو يغتصب أرضها، ورغم فارق الإمكانيات إلا أنها صامدة، وتقاوم، وليس هناك بيتًا في غزة إلا وقدم شهيدًا على الأقل، بل إن هناك عائلات قد مُحيت عن بكرة أبيها، ولم يعد لها ذكر في السجلات المدنية.
انتقلت هذا العائلات من خانة شهادات الميلاد إلى شهادات الوفاة في لحظة.
نعم عائلات كاملة سقطت من قاموس الإنسانية، ولا يزال هناك من يساوي بين الكفتين، بين صاحب الحق ومغتصبه.
الآن بدأت الأمور في غزة تأخذ منعطفًا خطيرًا، فبالإضافة إلى تقديم كل بيت شهيد، واستشهاد بيوت وعائلات بأكملها، تصبح الطامة الآن، أن هناك من وُلد واستشهد في عمر الحرب.
بمعنى أن هناك طفلًا رضيعًا وُلد في الحرب الأخيرة واستشهد فيها، وهو أمر جلل، إذا ما نظرنا إلى أن عُمر الحرب ذاته هو 70 يومًا.
ونشرت وكالة "رويترز" صورًا عدة لعائلة الدباري في قطاع غزة، أثناء تشييع ابنها الرضيع الذي ولد وقتل أثناء الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة منذ 70 يوما.
وتظهر الصور حالة الحزن والغضب التي سيطرت على أفراد العائلة أثناء تشييع الطفل إلى مثواه الأخير في رفح جنوبي قطاع غزة.
وكان جسد الطفل الغض ملفوفا بالغطاء الذي يقي من هم في عمره من حرارة الدنيا التي وصلوا إليها لتوهم.
لكن الطفل لم يعش سوى أيام معدودات قبل أن يستشهد في الغارات الإسرائيلية المكثفة على غزة، وقتلت حتى الآن قرابة 19 ألف فلسطيني، بينهم 7 آلاف طفل مثل إدريس.
وتقول العائلة إن الطفل الذي ولد بعد اندلاع الحرب في 7 أكتوبر الماضي، عاش شهرا ونيّف قبل أن يستشهد في قصف إسرائيلي على منزل العائلة في رفح، قتلت فيه أيضا والدته.
وكانت العائلة تلقي النظرة الأخيرة على الطفل الرضيع في مستشفى أبو يوسف النجار في أقصى جنوب قطاع غزة، ووضع جثمان الطفل الصغير فوق جثمان والدته في ساحة المستشفى قبل أن يجري موارتهما الثرى.
وسقط الاثنان في جنوب غزة، وهي المنطقة التي دعت القوات الإسرائيلية السكان إلى النزوح إليها باعتبارها "مكانا آمنا".
غير أن الأمم المتحدة التي ترى في ترحيل السكان في قطاع غزة "جريمة ضد الإنسانية"، تؤكد أنه "لا مكان آمنا في القطاع.
وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" إن غزة أصبحت أخطر مكان على الأطفال في العالم.