مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

سيد طنطاوي يكتب: وداعًا أحمد شوقي العطار.. مرسول العناية الإلهية

2024-03-03 14:57:58 - 
سيد طنطاوي يكتب: وداعًا أحمد شوقي العطار.. مرسول العناية الإلهية
أحمد شوقي العطار
منبر

بحث الموت كثيرًا عن أفضل من فينا، فلم يجد أفضل من أحمد شوقي العطار فاختاره ليُدمي قلوبنا.

رحيل شوقي أكد لي أن الطيبيين يرحلون مبكرًا فنقاؤهم لا تريده الدنيا الدنية.

نعم.. لم تتحمل الدنيا نقاء أحمد شوقي، الذي عرفته زميلًا ثم رئيس تحرير ثم صديق، وطوال رحلة عمرها 10 سنوات منذ لقاءنا الأول في عهد الراحل الأستاذ عصام عبدالعزيز، رئيس تحرير مجلة روزاليوسف الأسبق كان صاحب خيرًا خفيًا، يدركه المقربون منه، إذ كان ضميره بوصلة حق لا تحيد أبدًا، يقول الحق ولا يُبالي.

خسر شوقي كثيرًا، لكنه كان سعيدًا بأنه يكسب نفسه، ووسط هذا كله لم يكن شكاءًا، لم يتاجر بالخسائر ولم يدع يومًا المظلومية رغم صحتها، فكان عفيفًا، تراه ملكًا متوجًا وقتما كانت الضغوط عليه كطير أبابيل.

في الحق، لم يُهادن أبدًا، يقول شهادته ولا يستشير إلا من يعينه على الحق، رغم كثرة أهل الضلال، واستشارة هؤلاء كانت الدرع الذي يواجه به الضغوط.

عهدي به أنه كان يخاف على الناس أكثر من خوفه على نفسه، وفي مرات كثيرة كنت شاهدًا عليها صحح مسارات لأعمال صحفية كثيرة كانت ستُلقي بصاحبها في المهالك، وتدخل لحماية كثيرين.

معي -وهذه شهادتي أمام الله- كان شوقي مرسول العناية الإلهية إليّ في 3 مواقف، الأول حينما ضاقت بي الدنيا ذات مرة، وجدته يحدثني وهو رئيس تحرير جريدة الصباح ليُكلفني بمهمة في الجريدة، والمرة الثانية حينما أضاف إلى مهام أخرى في الجريدة دون أن أطلب في وقت كنت في أمس الحاجة إلي ذلك.

أما المرة الثالثة فوجدته يختارني من بين كثير من الزملاء والأصدقاء في مهمة تحرير كتاب لصديق له واضعًا فيّ كل ثقته ووجدته يتفاوض مع صاحب الكتاب كما لو كان يتفاوض لنفسه وفي النهاية وجدته اتفق لي على ضعف ما طلبت من مقابل.

حينما حدث خطأ ما في إحدى مهمات العمل وجدته يدافع عني بظهر الغيب وقال نصا: "سيد مش ممكن يطلع منه الخطأ ده".. وبعد المراجعة واستبيان الحقيقة أمام الجميع وجدت أحد الحاضرين يقول لي: "يا بختك شوقي منحاز ليك وواثق فيك".

قلبه كان بوصلة حق وعقله صاحب رأي راجح.. وأخلص للصحافة والمهنة كما لو كان يعلم أن رحيله سيكون مبكرًا.

قبل نهاية عام 2023 بساعات قليلة كتب شوقي على صفحته بفيسبوك يدعو للتفاؤل بالعام الجديد 2024 وقال مُراهنًا على العام الجديد: "2024 هتبقى سنة حلوة وجميلة وبنت ناس إن شاء الله.. تفاءلوا بالخير تجدوه.. كل سنة وأنتم طيبين وبخير.

كان شوقي محقًا، فقلبه النقي جعله يرى ما قدم من خير.. نعم شوقى رأى ما لم يكن ممكنًا أن يراه غيره.. رأي حصائد أعماله فهنيئًا يا شوقي لك ما رأيت من خير كنت متعجلًا في الذهاب إليه.

مساحة إعلانية