مساحة إعلانية
صاحب (النجوم الزاهرة )
مؤرخ مصرى كبير ومتفرد ، صاحب المؤلف التاريخى الكبير ( بدائع الزهور فى وقائع الدهور ) الموسوعة العظيمة التى حوت كل شئ عن تاريخ مصر ، وهو كتاب تاريخى كبير، وشامل ، بعض طبعاته تقع فيما يقارب الأربعة آلاف صفحة .. هو زين العابدين محمد بن شهاب بن أحمد المعروف بـ " ابن إياس " ، وكنيته أبو البركات ، وهو من أشهر شراكسة مصر فى أواخر دولة السلطنة الشركسية ، وينتمى إلى قبيلة " أباظة " الشركسية ، منحدر من أسلاف مماليك ، فهو من أسرة مملوكية - حيث أبوه و جدّه كانا أمراء ممن مسّهم الرقّ سابقا (كانوا قد جُلبوا صغارا إلى مصر ، حيث نشأوا ، وتمصّروا) فكانوا من فئة "أولاد الناس" ، بينما هو لم يكن مملوكيا، فقد وُلد حرّا، ولم يمسسه الرقّ - وإنما كان فقط من سلالة " أولاد الناس" ، (و مصطلح " أولاد الناس " هذا ، هو مصطلح كان يُطلق على الأمراء المنحدرين من أسلاف مماليك ، أو ممن رغب فى التقاعد من الخدمة العسكرية -فالخدمة العسكرية كانت مقصورة على المماليك حينئذ - جدّه لأبيه كان فى قصر السلطان فرج بن برقوق يقوم بعمل "الدويدار" (أى مسؤول دواية الحبر ، وهى وظيفة مهمة جدا فى الدولة ) و جدّه لأمه كان قد أتى إلى مصر فى أيام الناصر محمد بن قلاوون ، و لذا كان ابن إياس من المماليك ميسورى الحال ، و قريب الصلة بالأمراء أو بالسلطة الحاكمة ، ولأنه كان ميسور الحال ، فقد ساعده هذا على التفرغ لما أحب ( حيث كان يميل إلى التاريخ والجغرافيا والأدب ) ، و على إنجاز مهمّة التأريخ على خير وجه ، فقد كان على اطلاع واسع على الكثير من الأمور التى استند إليها فى كتاباته ، وابن إياس كان من أشهر وأهم المؤرخين ، فموسوعته (بدائع الزهور ) تقع فى مجلدات ستة من الحجم العملاق، و" ابن إياس" يعتبر - على مرّ التاريخ - من أجرأ المؤرخين ، بل إن موسوعته جعلته صاحب واحد من أشمل وأكثر المصنفات توثيقا و مصداقية فى تاريخ مصر، فقد كان شديد الموضوعية ، شديد التجرّد ، فى عرضه لما يراه .. وكان يكتب ما يراه فى جرأة وشجاعة ، فكتب تاريخ مصر- بدقة - عن كل الطبقات الشعبية الدنيا منها والعليا، وكان لا يحابى عظيما، ولا يجامل سلطانا، بل كان يهجو المحتل سليم الأول ، وصنيعته الأمير خاير بك ، وهذا يُحسب له .. !!
كيف لا ؟ وقد عايش عصر المؤرخين الكبار، والعظام ، مثل ابن تغربردى ، وابن حجر العسقلانى ، والسيوطى (الذى على يديه تتلمذ ابن إياس) - أما قول بعض الحاقدين إنه من " فلول المماليك " - فهو مجرد جهل و فرية ..
ابن إياس كان سابق عصره ، فقد قام - فى التأريخ - بعدة أعمال لم تظهر إلا فيما بعد، فقد وضع منهجا جديدا، ففى مطلع موسوعته رصد المصادر التى اعتمد عليها - وهو تقليد لم يظهر إلا مؤخرا( وهو ما تفعله الرسائل الأكاديمية الآن ) ، ونجده فى( بدائع الزهور ) أنه كان يكتب بأسلوب بسيط و شيّق ، وبحِسّ وطنى قومى ( أى بمصرية ووطنية وانتماء) و قام بوصف دقيق لأحوال مصر السياسية ، والعسكرية ، والإدارية ، والقانونية ، والفنية ، والمعمارية ، والاقتصادية ، ونجده حكى حتى عن الأعياد، والعادات المصرية فى ذلك العصر، كما ركّز على أن مصر أرض مباركة ، لا يستطيع أن ينال منها معتدٍ ، وذكر أنه قد دخلها ثلاثون نبيا ، و ثلاثمائة صحابيا ..
كما أن له كتابه الحافل (نشق الأزهار فى عجائب الأقطار) الذى كتب فيه ما شاهده من عجائب مصر والأقطار الأخرى ، كما نلاحظ أنّ ابن إياس شغلته كتابة التاريخ ، فلم يكتب لنفسه ترجمة -كما يفعل الآخرون - مخالفا فى ذلك كل معاصريه
أقرأ أيضا:
الشاعر والباحث / عـبد الستار سليم يكتب : صاحبة الهجرتين
الشاعر والباحث / عـبد الستار سليم يكتب:الشاعر طرفة بن العبد نديم ملك الحيرة