مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

فــــن x فــــن

الشاعر والباحث عبد الستار سليم يكتب : الملك لير والمسرح القومي

2025-08-14 00:37:21 -  تحديث:  2025-08-14 01:52:33 - 
الشاعر والباحث عبد الستار سليم يكتب : الملك لير والمسرح القومي
الشاعر والباحث عبد الستار سليم والملك لير
منبر

وأخيرا استقبلنا  "الملك لير" -  رائعة شكسبير - بهذه النخبة من الفنانين الكبار الذين اجتهدوا ،  و قدّموا  لنا فنّا راقيا و رائعا ،  بأداء "يحيى الفخرانى " ورؤية المخرج المتميز "شادى سرور " ،  العصرية البديعة 
و" الملك لير " هو ملك أسطورى ، ومعنى " لـير" فى الأساطير الأيرلندية القديمة -  هو البحر ، أو إله البحر وتاريخيا ،  هذه المسرحية هى بنت مطلع القرن السابع عشر الميلادى ، وتدور أحداث القصة فى بريطانيا القديمة ، والقصة فى الواقع  لها جذورها  فى الثقافة الشعبية  فى العصور الوسطى ، و شكسبير لم يكن أول من روى قصة هذا الملك المأساوية ..!
وقال النقاد إن شيكسبير كتب هذا العمل ، تأثرا ببعض القضايا المثيرة  فى تلك الحقبة ، والتى أثارت القلق بشأن إرث البنات ، والتى حرص فيها شكسبير على التأكيد على انتصار الشر ، بمقتل الملك وابنتيه، وأصرّ على هذه النهاية التراجيدية  المؤثرة 
وعلى الرغم من أن  " وليم شيكسبير "  (الشاعر  والكاتب  والممثل الانجليزى البارز ، فى الأدب الانجليزى خاصة ، والأدب العالمى  عامة والذى سُمّى بشاعر الوطنية) ، والذى أبدع هاملت ، ومكبث ، وتاجر البندقية ، وعطيل ، روميو وجولييت ، وغيرها ، فإن  مسرحية " الملك لير " هى رائعته الخالدة ، وهى من أهم الكلاسيكيات العالمية  التى قُدّمت - مسرحيا - على مدى الأعوام ، وما زالت تقدم  حتى الآن ..
وعن انطلاق عرض هذه  المأساة " الملك لير " مؤخرا على "خشبة المسرح القومى " فى القاهرة ، وعقب مشاهدة المسرحية التى يعرضها المسرح القومى خلال هذه الفترة ، نقول : 
إن المسرحية تتلخص فى أن  الملك الإنجليزى " لــير "،  عندما تقدم به العمر وأصبح مسنّا ، قرّر أن يتخلى عن سلطته السياسية وأراضيه ، ويقسّم ملكه وأراضى دولته ، بين بناته الثلاث ،  بنتيه( اللتين تنافقانه )  إذ تعللتا ، فلم تستقبله أى منهما فى منزلها ، فيصاب بالجنون ويرتدى تاجا من القش ، ويتجول فى العاصمة ، تعود ابنته المنفية بجيش فرنسى  ، لكنهما تخسران المعركة، ويموت لير  وجميع بناته

وقد أخطأ الملك لير عندما قام  بتقسيم سلطته  و مملكته  بين بناته  الثلاث ، فطلب منهن  إعلان حبهن  علنا ، أعلنت البنتان الكبرى والوسطى -كذبا -  أنهما تحبانه أكثر من أى شئ ، وقدّمتا الولاء كسبا للودّ ، وبينما احتضن  وقرب منه ابنتيه  الأخرييتين  الفاسدتين  -لأنهما نافقتاه - وقسم المملكة  بينهما ، ويتولى أصهاره  الحكم  كأوصياء ، و يحتفظ " الملك لـير " بلقب  الملك ، فقط
ولكن الصغرى  التى قالت له صادقةً ، إننى أحبك كما تحب أى بنت أباها ، فجرّدها من مهرها ، و يتخلى  الأب عن ابنته "كورديليا " التى تحبه حبا صادقا ، و لا تنافقه ، و تزوجت من   ملك فرنسا ، وهى التى حاولت أن تنقذه من فجيعته ، بواسطة جيش فرنسى ولم تفلح  .
 و الآن ، تعود مسرحية " الملك لير " على خشبة المسرح  فى القاهرة ، فى احتفال كبير فى  تجربة كُتب لها النجاح ،  بعد أن أعلن " المسرح القومى " - هذا الصرح الفنى الشامخ  والعريق -  عن العرض  المسرحى
و مسرحية  "الملك لير" ، تمثل عودة فنية متميزة ، وتعيد تأكيد أهمية المسرح القومى كمنبر للأعمال الكبرى ، وتسلط الضوء على  قدرة النصوص الكلاسيكية على التجديد، حين تقدم برؤية إخراجية واعدة ، وبأداء تمثيلى متقن 
ويعود "الملك لير " - العودة الملكية -  فى شخص الممثل القدير د.  يحيى الفخرانى  - ويعيد  البيت الفنى للمسرح تقديمها برؤية فنية معاصرة للمخرج الكبير شادى سرور 
 و لا شك فى أن تقديم " الملك لــير " على خشبة المسرح القومى،  هو إثراء للحركة الفنية والمسرحية والثقافية ، فهى - بالقطع - تمثل عودة فنية رائعة ، ومما يُذكر أن وزير الثقافة المصرى حضر افتتاح العرض ، مؤكدا دعم التجارب المسرحية ذات الطابع الكلاسيكى ، تحت مظلة الإنتاج المسرحى لوزارة الثقافة ، ليس فقط بعودة "الملك لير"، ولكن - كعادته فى تقديم الروائع المسرحية العالمية - يتألق المسرح القومى فى أبهى صورة له ، فقد كنا - دائما -  فى انتظار هذه التحفة المسرحية الرائعة  أن تُجسّد عربيا على المسرح
 و الجدير بالذكر أن جمهور المسرح لم يغب على طول المدى ، حيث  يشهد العرض حضورا جماهيريا لافتا، ولقد كان الكل راضيا عمّا تمّ ،  حتى على المستوى الشخصى للمثل "يحيى  الفخرانى"  ،  فهو يقول : سبق وأن قدمت مسرحية "الملك لير" على خشبة المسرح القومى ، من قبل ، ولكن كنت فى شبابى ، وكنت  أتمثّـل  قيامى بتجسيد دور " الملك لــير "، ولكنى الآن وقد بلغتْ سنّى سنّ "الملك لير " ، الذى  أراده المؤلف ، فصارت كل المشاعر  طبيعية و ليس فيها تكلف ، لذا فقد انبهرنا بأداء يحيى الفخرانى ، كما  انبهرنا بالإضاءة ،  وانبهرنا بالديكور، وانبهرنا بملابس وبالموسيقى ، و بأداء المجاميع الراقى  الذى حرص المخرج  على ضبط إيقاعه ضبطا تاما ، فقد كانوا جميعا مجيدين، واذا كنا انبهرنا بالتوظيف الصحيح لطبقات الصوت الأدائى إلا أن  بعض الصراخ العالى - أحيانا فيما يشبه الأداء الأوبرالى  - الذى  تخلل بعض المشاهد 
 شهد العرض حضورا جماهيريا كثيفا ، كما أن تفاعل الجمهور مع العمل  والتزامه بقوانين  المسرح ، ظل منذ بدايته و حتى لحظاته الأخيرة ..!

مساحة إعلانية