مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

الشاعر والباحث عبد الستار سليم يكتب: المحسنات البديعية - 2- "الجناس"

2024-12-28 11:46 PM - 
الشاعر والباحث عبد الستار سليم يكتب: المحسنات البديعية - 2-  "الجناس"
الشاعر والباحث عبد الستار سليم
منبر

هى زينة لفظية  أو زخرف بديعى ، ومن هذه المحسّنات البديعية السجع ، والتورية ، والجناس ، والغرض من المحسنات  تنميق الكلام وتزيينه ، فهما من الوسائل التى يستعين بها الأديب  لإظهار  مشاعره وعواطفه ، وللتأثير فى النفس ، وهذه المحسنات تكون رائعة ، إذا كانت قليلة ومؤدية المعنى الذى يقصده الأديب ، أما إذا جاءت كثيرة ومتكلّفة ، فقدت جمالها  وتأثيرها ، وأصبحت دليل ضعف الأسلوب وعجز الأديب 
*
            ثالثًـا( الـجـــنـاس )
           ……………………………
الجناس :  هو أن تتشابه كلمتان لفظًا ، وتختلفان معنىً ، و كان البلاغيون يستحسنون الجناس ، (ونشير إلى أن أكثر الجناس المُـتَـكَـلّـف - من شدة الإفراط فيه والتمسك به - يثير الضحك أو الاستهزاء)
 وتسمية "الجناس" جاءت ، للتجانس الظاهر فى رسم الكلمتين .
واصطلاحًا ، هو أن يتفق اللفظان فى الهيئة ، (أى فى نوع الأحرف ، وعددها ، وترتيبها ، وتشكيلها)، أى الكلمتان تتفقان فى الشكل ، وتختلفان فى المعنى ، وهذا هو الجناس التام أو الكامل 
وإذا ما اتفقت فيه الكلمتان فى هذه الأمور الأربعة .. فإنه يسمّى بالجناس التام الموجب ، مثل  (صلّيت المغرب فى أحد مساجد المغرب ) و (  يقينى بالله يقينى ) و (أرْضِهِم ما دُمت فى أرْضِهم) ، 
وهذا هو الجناس التام الموجب

 ومن جناس التقفية -أى فى القوافى - يقول شوقى
(ولو   ذاقوا  هوَى العِلْم ِ …
 كما ذُقتُ ،  فنَوْا   فيه
يعيبُ السّمّ فى الأفْـعَى …  
وكلُّ السّمِّ    فى    فيه)
 و فى مربعات فن الواو ، تتجانس قوافى صدور الأبيات معًا ، و تتجانس أعجاز الأبيات معًا ، فى كل مربع ..
 ومنه يقول كاتب هذه السطور:
 (أوّل   كلامى ح   اصلّى . . 
ع  اللى الغزالة   مشتْ  لُـه
واحْكِى على اللى حصلّى . . 
وزرع همومى  فْ  مشاتْـلُـه)
و سِرّ جمال الجناس ، فى أنه يُحدث نغمًا موسيقيّا، تطرب له الأذن ، ويثير النفس .. كما يؤدّى إلى حركة ذهنية  تثير الانتباه ، عن طريق الاختلاف فى المعنى ..!
وقالوا إن الكلمة الثانية - فى الجناس- ترِد ، وظاهرها أنها تكرار للكلمة الأولى ، فإذا تأمّلت فى معناها ، عرفت أنها كلمة جديدة ، فكأنك حصلت على كسب لم تكن
 تتوقعه ..! 
ويزداد الجناس جمالًا إذا كان نابعًا من طبيعة المعانى التى يعبّر بها الأديب ، ولم يكن متكلّفًا ، وإلا كان زينة شكلية ، لا قيمة لها .. 
أمّا الجناس الناقص ، فهو ما اختلف فيه اللفظان فى أحد هذه الشروط الأربعة التى ذكرناها آنفًا، ففى قول الشاعر 
( من بحر شعرك  أغـترفْ  
وبفضل  عِـلمك   أعـترفْ ) 
هنا الاختلاف فى نوع الأحرف ، ( أغـترف ، وأعـترف )، ، ومثل ذلك ، فى التنزيل العزيز( وهم ينهوْن عنه وينأوْن عنه ) 
و أيضًا ( ويْلٌ لكل هُـمَـزَة لُـمَزة ) 
هنا الاختلاف فى نوع الأحرف
( ينهوْن ، وينأوْن )، 
وكذلك ( هُمَزة ، ولُـمَزة)
أما فى قول الشاعر 
(بيضُ الصفائح لا سُود الصحائف فى
مُـتونهن    جلاءُ     الشكّ     و  الرّيَبِ)
فهنا ، الأحرف هى هى ، والاختلاف فى ترتيب الأحرف (الصفائح ، والصحائف )
أما فى قول الشاعر 
(ياللـغُـروبِ وما به من عَـبْرة
 للمُـستهام  وعِـبْرة   للرائى) ، 
وقول الشاعر 
( الجَـدّ فى الجِــدّ والحِـرمان فى الكسلِ
فانصب  تُصِبْ عـن  قريب غـاية   الأملِ )
فهنا ، الحروف هى هى ، ولكن الاختلاف فى الضبط أو التشكيل
 (عَبرة  - عِبرة ) ،
 و(الجَدّ - الجِـدّ) 

و الشعر يحسُن 
بـ "جمال" قوافيه ، وليس بـ "جناس" قوافيه                 
وجمال الجناس فى تعدّد الإيحاءات ، ففى التنزيل العزيز ( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ) ، فـ "الساعة" المذكورة أولا ، تعنى يوم قيام الساعة ، أى يوم القيامة  ، و" ساعة" الثانية تعنى ساعة من الزمن ..
  وعبارة  " يقينى بالله يقينى " ، يقينى -الأولى- مضاف ومضاف إليه  (من اليقين والتأكد ) ويقينى -الثانية- فعل مضارع  (من الوقاية ) 
و 
(طرقت الباب حتى كلّ مَـتْنى / فلما كلّ متْنى   كلّمتنى)
(كلّ متْنى) بمعنى تعب ذراعى من الطرْق ، و(كلمتنى)
من الكلام 

وفى مربع "فن الواو" التراثى  الذى يقول
(طبيب الجرايح قوم الْحَـق/ وهات الدّوَا اللى يوافق
فيه ناس  تعرف الْحَـق / ولاجْل   الضرورة  توافق )
وقال بعضهم
(رأيت الناس قد مالوا / إلى من   عنده    مالُ )
(رأيت الناس قد ذهبوا / إلى من   عنده   ذهبُ)
(ومن ما   عنده   فضّة / فعنه  الناس   منفضّة)

مساحة إعلانية