مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب: في بطلان حديث الافتراق ) ( تفترق أمتي ..)

2024-11-03 01:31:56 - 
الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب: في بطلان حديث الافتراق ) ( تفترق أمتي ..)
الشاعر الدكتور مصطفي رجب
منبر

في بطلان حديث الافتراق ) ( تفترق أمتي ..) لأحد شيوخنا الأجلاء حفظه الله

1- رُوِيَ هذا الحديث عن أبي هريرة مرفوعاً وفي إسناده محمد بن عمرو بن علقمة وهو ضعيف. قال يحيى بن سعيد ومالك: "ليس هو ممن نريد" وقال ابن حبان: "يخطئ" وقال ابن معين: "ما زال الناس يتقون حديثه". وقال ابن سعد: يُستضعف".
2- وروي عن معاوية مرفوعاً وفي السند أزهر بن عبد الله الهوزني أحد كبار النواصب الذين كانوا ينتقصون سيدنا عليّاً (رضي الله عنه وكرم الله وجهه ) وله طامات وويلات. قال الأزدي: يتكلّمون فيه وأورده ابن الجارود في كتاب "الضعفاء".
3- وروي عن أنس بن مالك من سبعة طرق كلها ضعيفة لا تخلو من كذاب أو وضاع أو مجهول.
4- وروي عن عوف بن مالك مرفوعاً وفي سند روايته عباد بن يوسف وهو ضعيف أورده الذهبي في "ديوان الضعفاء" برقم (2089).
5- وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً عند الترمذي في السنن (5/ 26) وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد الإفريقي وهو ضعيف.
6- وروي عن أبي أمامة مرفوعاً عند ابن أبي عاصم في كتاب "السنة" (1/ 25) وفي إسناده قطن بن نسير وهو ضعيف منكر الحديث.
7- وروي عن ابن مسعود مرفوعاً عند ابن أبي عاصم في سننه وفي سنده عقيل الجعدي. قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (4/ 209): "قال البخاري منكر الحديث".
8- وروي عن سيدنا عليّ كرّم الله وجهه ضمن ما رواه ابن أبي عاصم في كتابه "السنة" (2/ 467 برقم 995) وفي إسناده ليث ابن أبي سليم وهو ضعيف جداً, وحاله معروف عندهم. قال ابن حجر في التقريب برقم (5685): "اختلط جداً ولم يتميّز حديثه فتُرك".
هذا من ناحية إسناده وأما من ناحية متنه فنقول:
نحن نجزم ببطلان هذا الحديث سواء بزياداته أم بدونها, والتي منها "كلها في النار إلّا واحدة" و"كلها في الجنة إلّا واحدة" فبغض النظر عن هذه الزيادات نحن نقول بأنّ أصل الحديث باطل للأمور التالية:
1- قرر هذا الحديث بأنّ هذه الأمة شر الأمم ، ومن أسوئها, فقد قرر أن الأمور ساءت مع اليهود والتفرق بلغ فيهم مبلغه حتى صاروا إحدى وسبعين فرقة, ثم جاء النصارى فبلغوا اثنتين وسبعين فرقة, ثم جاءت هذه الأمة التي ستفترق إلى أكثر من ذلك أي إلى ثلاث وسبعين فرقة فهي أسوأ وأسوأ!.
وهذا مخالف لقوله تعالى يصف هذه الأمة : ((كنتم خير أمة أُخرجت للناس)) وبقوله تعالى أيضاً: ((وكذلك جعلناكم أمة وسطاً)) فهذه الآيات تقرر أن هذه الأمة هي خير الأمم, وأنها أوسطها؛ أي: أفضلها وأعدلها, وأمّا هذا الحديث فيقرر أنّ هذه الأمة شر الأمم وأكثرها فتنة وفساداً وافتراقاً, فمعنى الحديث باطل بصريح القرآن الكريم الذي يقرر أن هذه الأمة خير الأمم وأفضلها.
2- ويؤكد بطلان هذا الحديث من حيث متنه ومعناه أيضاً أنّ الذي صنّف في الفِرَقَ كتب أسماء فِرَق يغاير في كتابه ما كتبه الآخرون في كتبهم عن الفرق , ولا زالت تحدث في كل عصر فِرَقُ جديدة بحيث إن حصرهم لها غير صحيح ولا واقعي, فمثلاً كتب الشيخ عبد القاهر البغدادي المتوفي سنة 429ه كتابه في الفِرَق وهو "الفَرْقُ بين الفِرَق" ذكر فيه ثلاثاً وسبعين فرقة وقد حدث من زمانه إلى اليوم فِرَق أخرى ربما تزيد على أضعاف تلك الفِرَق التي ذكرها, وقول من قال أنّ ما استُحدث من الفرق الجديدة لا تخرج في مبادئها عمّا ذكره غير صحيح بل باطل, والواقع يرفضه ويثبت فساده.
3- أنّ هذا الحديث خاصة بزيادته التي يتشبث بها المجسمة والنواصب والتي هي "كلهم في النار إلّا واحدة" مخالف للأحاديث الكثيرة المتواترة في معناها التي تنص على أنّ من شهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمداً رسول الله وجبت له الجنة ولو بعد عذاب, ومن تلك الأحاديث ما رواه البخاري (3/ 61/ 1186 فتح): "إنّ الله قد حُرّم على النار من قال لا إله إلّا الله يبتغي بذلك وجه الله" ولفظ مسلم (1/ 63): "لا يشهد أحد أن لا إله إلّا الله وأني رسول الله فيدخل النار أو تطعمه".
والفرق المختلفة قليل منها يكفر ببدعته وأما أكثرها كالمعتزلة وغيرهم فإنهم لا يكفرون حتى يستحقوا دخول النار لذلك نقل بعض الأئمة كالبيهقي وغيره إجماع السلف والخلف على الصلاة خلف المعتزلة ومناكحتهم وموارثتهم [أنظر مغني المحتاج 4/ 135].
4- أنّ متن هذا الحديث مضطرب ففي بعض طرقه "ألا وإنّ هذه الأمة ستتفرق على ثلاث وسبعين فرقة في الأهواء" رواه ابن أبي عاصم (69) وفي بعضها: "فواحدة في الجنة واثنتان وسبعون في النار" رواه ابن أبي عاصم (63) وفي بعضها: "لم ينج منها إلّا ثلاث" رواه ابن عاصم (71) وفي بعضها: "كلها في النار إلّا السواد الأعظم" رواه ابن أبي عاصم (68)......!!.
وفي بعضها كما عند ابن حبان (15/ 125) قال: "إنّ اليهود افترقت على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة والنصارى على مثل ذلك......".
وتلاعب بعضهم في متن هذا الحديث أكثر فذكر في آخره: "من أخبثها الشيعة" وبعضهم قال "شرهم الذين يقيسون الأمور بآرائهم" يشير إلى الحنفية أتباع الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى, وفي بعض رواياتهم التالفة: "كلهم في الجنة إلّا القدرية" وفي بعضها" إلّا الزنادقة" وهكذا!! 
وكل ذلك كذب وافتراء على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
وإذا دقق الباحث وكذا القارئ والسامع في هذه الألفاظ واستعرضها جيداً فيمكن أن يعرف من أين جاءت.
5- وقد وقع في بعض روايات هذا الحديث: "كلهم في النار إلّا ملة واحدة, قالوا ومن هي يا رسول الله قال: ما أنا عليه وأصحابي" وهي رواية الترمذي (5/ 26) من حديث عبد الله بن عمرو, وفي رواية: "ما عليه الجماعة".
قلت: وهذا باطل من القول:
أولاً: من جهة الإسناد فإنه ضعيف كما تقدّم.
وثانياً: أن عبارة "ما عليه أنا وأصحابي" لا يعقل أن يصح صدورها منه صلى الله عليه وآله وسلم لأمور أذكر منها:
- أنّ الصحابة افترقوا في عهد رابع الخلفاء الراشدين سيدنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه إلى ثلاث فرق, فرقة مع سيدنا علي عليه السلام وهي التي على الحق بنصوص الأحاديث الكثيرة المقطوع بها.
وفرقة قعدت ولم تناصر رابع الخلفاء الراشدين ولم تقاتل مع أحد من الفريقين وقد ندم أفرادها وهم قلائل على القعود بعد ذلك.
وفرقة مع معاوية وحزبه وهي الفئة الباغية بنص الحديث الذي رواه البخاري (1/ 541) و(6/ 30) ومسلم (4/ 2235/ 2915) والذي فيه: "عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار".
فعبارة "ما عليه أنا وأصحابي" في حديث الافتراق مع أي فرقة من هذه الفرق الثلاث تكون؟!.
فالذي أقوله أخيراً: أن حديث الافتراق هذا الذي جعل المسلمين يتباغضون ويتباعدون ولا يتقاربون ويعتقدون في مخالفيهم أنهم من أصحاب النار باطل سنداً ومتناً!! ولبني أُميّة اليد الطولى في وضعه!! 
[ منقول عن شيخ لنا جليل من كبار علماء الحديث ]

مساحة إعلانية