مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

عالم السياسة

إيمان بدر تكتب :ماذا بعد محاكمة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية؟

2024-01-25 16:31:30 - 
إيمان بدر تكتب :ماذا بعد محاكمة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية؟
محاكمة اسرئيل

هل يملك العرب أوراق ضغط لتحييد دور أمريكا

ومنع استخدام الفيتو أمام مجلس الأمن


متي تتدخل الصين لضرب مصالح واشنطن في المنطقة

وهل تتحول  الاستثمارات إلي قواعد عسكرية؟

احتفي الجميع ونحن معهم بالخطوة الرائعة التي أقدمت عليها حكومة جنوب افريقيا حين قررت ( جرجرة) إسرائيل إلي محكمة العدل الدولية لإثبات إدانتها في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ضد أهالي غزة المدنيين الأبرياء، وفضح حكومة بنيامين نتنياهو عالمياً، ولعلها المرة الأولي التي يعلن فيها رسميا أمام القضاء الدولي أنه ليس لإسرائيل أي حقوق بما في ذلك حق الدفاع عن النفس الذي يتشدق به الصهاينة وحلفاؤهم لأنه ببساطة احتلال ولا يحق للمحتل أن يدافع عن نفسه في مواجهة حق صاحب الأرض في مقاومة الاحتلال وطرده، وفي هذا السياق أجمع الخبراء والمحللون علي أنها محاكمة سياسية أخلاقية ولكنها لا تملك إجراءات تنفيذية عملية للأسف لأن قرارات محكمة العدل الدولية تحال إلي مجلس الأمن الذي لا يستطيع إصدار قرار ملزم لتل أبيب في ظل استخدام الفيتو الأمريكي دائما.
وعلي خلفية ذلك يصبح الحل الوحيد أو بالأدق الجذري هو تحييد دور الولايات المتحدة الأمريكية ومنعها من التدخل بهذا الفيتو تارة وبتسليح إسرائيل تارة أخرى، ومن ثم خرجت علينا بعض الأصوات ذات الانفعالات الناصرية تطالب بالعودة إلي استخدام سلاح النفط الخليجي والغاز الطبيعي في منطقة البحر المتوسط وشمال أفريقيا للضغط علي أوروبا وامريكا خاصةً في ظل تصاعد الاحتياج إلي مصادر الطاقة في فصل الشتاء واستمرار العقوبات المفروضة علي روسيا، ولكن ردت عليها أصوات أكثر عقلانية تقول إن بإمكان أمريكا وأوروبا تجميد أموال العرب الضخمة مثلما تفعل حالياً مع روسيا وفعلت من قبل مع إيران، وإن كانت الأخيرة لديها اوراق ضغط عن طريق الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان، كما قامت بمساعدة روسيا بالتسليح في حربها علي أوكرانيا وتسلح حركة حماس في مواجهاتها مع إسرائيل علي غرار ما تفعل كوريا الشمالية من خلف الستار، ولكن مازال سلاح تجميد الأموال أو التلويح بذلك يضغط علي رقاب الجميع.
وعلي ذكر روسيا وإيران من الأهمية أن نطرح تساؤلات حول الدور المنتظر للصين، ومتي تعلن بكين عن نفسها كقوة عظمي في مواجهة النفوذ الأمريكي ليس إقتصاديا فقط ولكن عسكرياً أيضاً حيث تتحرك بكين حالياً في اتجاهين متوازيين الأول هو إقامة استثمارات ومشروعات ضخمة في المنطقة العربية والإفريقية ينتظر أن تفتح هذه الاستثمارات يوماً ما الابواب أمام إقامة قواعد عسكرية لحماية تلك الأموال، أما الاتجاه الثاني فهو تقوية جيشها واسطولها بل وقدراتها النووية لحماية حدودها ليس فقط من أجل حماية سيطرتها علي تايوان، ولكن في مواجهة تحرشات الولايات المتحدة الأمريكية بحدودها البحرية ومصالحها في بحر الصين الجنوبي، وقد تجلت هذه المحاولات من خلال خطوات هادئة وواثقة قام بها التنين الصيني إبان فترات أزمة القرصنة البحرية حيث انطلقت السفن الحربية الصينية تجوب المحيطين الهندي والهادي وكأنها تريد أن يتعرف البحارة الصينيين وضباط البحرية الصينية علي هذه المواقع جيدا حتي إذا ما قررت بكين التواجد بشكل عسكري لحماية مصالحها فيها يكون الأمر أكثر سهولة.
وعلي خلفية ما سبق يتعين علي العرب والأفارقة العمل علي تحقيق مبدأ توازن القوي لأن الارتماء في أحضان الصين قد لا يكون الخيار الأمثل في ظل حرص الأخيرة علي حماية مصالحها وحدودها فقط وبطء تحركاتها خارج هذه الحدود، ولكن إقامة علاقات متوازنة والدخول في تكتلات قائمة علي الندية واعلاء المصالح الاقتصادية التي تصب في اتجاه النفوذ السياسي، ولعل أنجح نموذج يجسد هذه الفكرة هو نموذج مجموعة البريكس فبالرغم من وجود الصين وروسيا ضمن الدول الأعضاء المؤسسين لهذا التجمع ولكن لا فرق بينهما وبين البرازيل وجنوب أفريقيا والهند، وبالرغم من خلافات الأخيرة مع الصين ولكن لا صوت يعلو فوق صوت المصالح المتبادلة للجميع، ومن ثم كانت خطوة جيدة حين حرصت مصر وغيرها من الدول العربية علي الانضمام لهذه المجموعة وعلينا الدخول في مزيد من التكتلات وتشعيب وتنويع العلاقات الاقتصادية حتي يأتي اليوم الذي نستطيع فيه أن نضغط علي أمريكا بمصالحها معنا واحتياجها لنا بشكل مباشر، وهو أمر لا يتحقق بتبعية جديدة لقطب آخر يستغل ثروات العرب والأفارقة لتحقيق مصالحه هو أولا.

مساحة إعلانية