مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

أسماء اسماعيل تكتب : فرانك كابريو.. القاضي الذي جعل الرحمة وجهًا للعدالة

2025-08-21 12:54:48 - 
أسماء اسماعيل تكتب : فرانك كابريو.. القاضي الذي جعل الرحمة وجهًا للعدالة
القاضي الأمريكي فرانك كابريو
منبر

نحن فى عالم  يُنظر إلى قاعات المحاكم باعتبارها أماكن قاسية تُطبّق فيها القوانين بلا لين أو رفق، برز اسم القاضي الأمريكي فرانك كابريو كاستثناء نادر، جعل العدالة أكثر إنسانية، وحوّل منصة القضاء إلى مساحة للرحمة.

وُلد كابريو في 24 نوفمبر 1936 بمدينة بروفيدنس في ولاية رود آيلاند الأمريكية، لأسرة مهاجرة من إيطاليا، وعُرف منذ شبابه بالجد والاجتهاد. درس القانون ليلًا في جامعة سوفولك، بينما كان يعمل مدرسًا نهارًا، ليصبح لاحقًا محاميًا، ثم يدخل العمل السياسي والقانوني وصولًا إلى منصب قاضي المحكمة البلدية في بروفيدنس عام 1985، وهو المنصب الذي ظل فيه حتى تقاعده عام 2023.

لم يعرف العالم اسم كابريو فقط من خلال مسيرته القضائية، بل من خلال برنامجه الشهير "Caught in Providence" الذي تحوّل من بث محلي إلى ظاهرة عالمية على شاشات التلفزيون ومنصات التواصل الاجتماعي. ملايين المشاهدين أحبّوا مشاهد القاضي العجوز وهو يستمع إلى المخالفين بابتسامة، يسألهم عن ظروفهم المعيشية، يمازح الأطفال، ويُصدر أحكامًا تنبض بالرحمة قبل أن تكون مجرد تطبيق للقانون.
بفضل هذه الروح، أطلق عليه الجمهور لقب "أطيب قاضٍ في العالم".

آمن كابريو أن وظيفة القاضي  لا تقتصر على إنزال العقوبة، بل تشمل النظر في الظروف الإنسانية التي قادت الشخص إلى الخطأ. ففي إحدى القضايا الشهيرة، أعفى رجلاً من غرامة تأخر في دفعها بعدما عرف أنه يكافح لإطعام أطفاله، قائلاً: "القانون يجب أن يُطبّق، لكن العدالة الحقيقية هي أن نضع قلوبنا داخل الحكم".

لم يكتفِ كابريو بمنصبه القضائي، بل أسس منحًا دراسية باسم والده لدعم الطلاب الفقراء، وشارك في مؤسسات خيرية عديدة، كما ساهم في حملات جمع التبرعات لترميم تمثال الحرية وجزيرة إيليس، في إشارة لاعتزازه بأصوله المهاجرة.

في عام 2023، أعلن القاضي كابريو إصابته بمرض سرطان البنكرياس، وخاض رحلة علاج صعبة استمرت أشهرًا. ورغم لحظات الأمل التي عاشها بعد إنهاء العلاج في 2024، عاد المرض ليهاجمه بقوة. وفي 20 أغسطس 2025، رحل القاضي الذي أحبّه الملايين حول العالم، عن عمر ناهز 88 عامًا.
وقد نعته ولاية رود آيلاند بتنكس الأعلام، بينما تدفقت رسائل العزاء من مختلف أنحاء العالم، مؤكدة أن إرثه الإنساني لن يُنسى. 

و لان الارث لا يموت فقد ترك كابريو لنا كتابًا أخيرًا بعنوان "الرحمة في قاعة المحكمة"، يوثق فيه قصصًا من حياته على المنصة، وفلسفته في العدالة، لذلك قد يُنسى كثير من القضاة بعد تقاعدهم، سيبقى فرانك كابريو في ذاكرة العالم رمزًا أن العدالة بلا رحمة تتحول إلى قسوة، وأن القاضي الحكيم هو من يوازن بين نص القانون وروح الإنسانية.

مساحة إعلانية