مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

أحمد عبده طرابيك يكتب : سلطنة عُمان تحتفل بالذكرى 280 لتولي آل سعيد السلطة

2025-11-07 06:26 AM - 
أحمد عبده طرابيك يكتب : سلطنة عُمان تحتفل بالذكرى 280 لتولي آل سعيد السلطة
أحمد عبده طرابيك
منبر

 ظلت سلطنة عمان تحتفل باليوم الوطني كل عام يوم 18 نوفمبر، وذلك على مدار 54 عامًا منذ عام 1971. ولكن في هذا العام 2025، أصدر السلطان هيثم بن طارق مرسومًا باعتماد يوم 20 نوفمبر من كل عام اليوم الوطني العُماني. وذلك باعتباره اليوم الذي تولت فيه أسرة آل بو سعيد السلطة في عُمان قبل 280 عامًا. فلقد نمت وتعاظمت قوة الدولة العُمانية منذ أن تولى آل بو سعيد السلطة في البلاد خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر عام 1162هـ/ 1744م، واستمرت متطورة رغم العثرات. وقد واجهت الدولة البوسعيدية العديد من التحديات الداخلية، إلى جانب التحديات الخارجية المتمثلة في أطماع القوى الإقليمية والأوربية، إلا أنها استطاعت الصمود والمضي بعد كل عثرة أقوي في سبيل البناء والتحديث، بفضل الوحدة الوطنية وبناء علاقات سياسية قوية مع القوي الإقليمية والدولية. 
      لقد بدأت عُمان حقبة جديدة في تاريخها الحديث مع أسرة آل بوسعيد، فمنذ تأسيسها علي يد الإمام أحمد بن سعيد عام 1744، ورغم فترات القوة والضعف، والاستقرار والصراع، إلا أنها استطاعت خلال عمرها الذي يزيد عن مائتين وثمانين عامًا أن تحقق الاستقرار والازدهار للشعب العُماني، وأن تضع عُمان في مصاف الدول القوية والمؤثرة في محيطها الإقليمي، وذلك باستثناء بعض الفترات التي شهدت خلالها بعضًا من الصراعات الإقليمية والخلافات الداخلية، والتي كانت تؤدي إلى نوع من الانكفاء الذاتي والعزلة لأسباب عديدة محلية واقليمية ودولية. 
      استطاع أل بو سعيد أن يوقفوا تصدع الوحدة الوطنية للعُمانيين التي حدثت في نهاية عهد اليعاربة، وأن يعملوا علي توحيد الشعب العُماني والقبائل العُمانية تحت راية واحدة وهدف واحد.  ومن خلال الوحدة الطوعية والحكمة واللين والتحالف والمصاهرة، تمكنت من تقوية البناء القومي على أساس التسامح والمساواة والحفاظ على ممتلكات الناس وأرواحهم وذلك على اختلاف قبائلهم ومناطقهم وأعراقهم وثقافاتهم والمحافظة على وحدة التراب العُماني. 
      عمل آل بوسعيد علي تحرير الأرض العُمانية من الوجود الفارسي، ومن بعده الوجود الأوروبي بأشكاله وجنسياته المختلفة محافظين على سيادة واستقلال أرضهم ومياههم الإقليمية، وذلك بفضل قوتهم الذاتية وتماسكهم ووحدتهم، محققين بناء دولة مركزية آمنة مطمئنة يدعمها نظام قانوني وقضائي وإداري واضح ومحكم إلي جانب القوة الإقتصادية والتجارية، حيث تمكن البوسعيديون من إخراج البلاد من الآثار السلبية للحروب الأهلية على الاقتصاد وضعف التجارة الداخلية والخارجية ومن ثم بناء قوة اقتصادية وطنية قوامها الإهتمام بالزراعة والري وقطاعات الإنتاج الأخرى والموانئ وطرق التجارة داخليًا وخارجيًا. 
      منذ أن تولت الأسرة البوسعيدية الحكم في البلاد عام 1749، توالى علي حكم عُمان خمسة عشر سلطانًا، وهم: 
(1) أبو هلال أحمد بن سعيد البوسعيدي، تولي الحكم في 10 يونيو 1749، حتي 15 ديسمبر 1783، وكان من أهم أعماله طرد الفُرس من عُمان. 
(2) سعيد بن أحمد بن سعيد البوسعيدي، تولي الحكم في 15 ديسمبر 1775، حتي عام 1779. 
(3) أحمد بن سعيد، تولي الحكم في 1779، حتي 13 مارس 1792، وفي عهده تم نقل العاصمة إلي مسقط. 
(4) سلطان بن أحمد، تولي الحكم في 13 مارس 1792، حتي 20 نوفمبر 1804، وهو من أرسل جيشه بقيادة ابنه سالم لطرد الفرس من البحرين. 
(5) سالم بن سلطان، وسعيد بن سلطان "الفترة الأولى"، وتوليا الحكم في 20 نوفمبر 1804، حتي 14 سبتمبر 1807، مشاركة بالحكم. 
(6) سعيد بن سلطان "الفترة الثانية" من 14 سبتمبر 1807، حتي 19 أكتوبر 1856، وفي عهده أصبحت عُمان ذات نفوذ كبير، وبعد وفاته انقسمت عُمان إلى "سلطنة مسقط، عُمان، سلطنة زنجبار". 
(7) ثويني بن سعيد، تولي الحكم في 19 أكتوبر 1856، حتي 11 فبراير 1866، وقد حكم الجزء الآسيوي من الإمبراطورية العُمانية. 
(8) سالم بن ثويني، تولي الحكم في 11 فبراير 1866، حتي 3 أكتوبر 1868. 
(9) عزان بن قيس، تولي الحكم في 3 أكتوبر 1868، حتي 30 يناير 1871. 
(10) تركي بن سعيد، تولي الحكم في 30 يناير 1871،  حتي 4 يونيو 1888. 
(11) فيصل بن تركي بن سعيد، تولي الحكم في 4 يونيو 1888، حتي 6 أكتوبر 1913، وقد وقع مع الإنجليز الاتفاقية العُمانية البريطانية للصداقة والملاحة والتجارة المعروفة باسم "التعهد المانع". 
(12) تيمور بن فيصل، تولي الحكم في 9 أكتوبر 1913، حتي 10 فبراير 1932. 
(13) سعيد بن تيمور، تولي الحكم في 10 فبراير 1932، حتي 23 يوليو 1970. 
(14) قابوس بن سعيد، تولي الحكم في 23 يوليو 1970، حتي 10 يناير 2020. 
(15) هيثم بن طارق، تولي الحكم في 11 يناير 2020. وهو سلطان البلاد حاليًا. 
 
      مع مسيرة النهضة المباركة التي انطلقت علي يد السلطان قابوس بن سعيد البوسعيدي، في 23 يوليو 1970، الذي عمل علي نقل عُمان إلي مرحلة جديدة أكثر حداثة في تاريخها المعاصر، إذ عمل السلطان قابوس في خطين متوازيين كان من الضرورة السير فيهما معًا في آن واحد، الأول هو طريق الوحدة والاستقرار الداخلي في البلاد. والثاني هو طريق البناء والتنمية، ورغم كل ما واجهته عُمان خلال تلك الفترة من صعوبات داخلية وعقبات اقليمية ودولية، فقد كانت عُمان واحة للاستقرار والأمان وسط منطقة تصعف بها النزاعات والصراعات الداخلية والإقليمية، وبفضل تلك البيئة المستقرة قطعت سلطنة عُمان أشواطاً كبيرة في طريق البناء والتطور والحداثة. 
     جاء السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد ليكمل مسيرة التطور والنهضة العُمانية الرائدة في نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، خاصة وأنه كان المقرب من السلطان الراحل قابوس بن سعيد- رحمه الله- الذي أوصي بأن يكون السلطان هيثم بن طارق، هو سلطان البلاد من بعده، لعلمه وإدراكه بأن السلطان هيثم يتمتع بالحكمة والخبرة وتقدير المسئوليات والفطنة، وهي الصفات التي تؤهله لقيادة البلاد واستكمال مسيرة العطاء والنهضة المباركة. 
      لقد اكتسب السلطان هيثم الكثير من الخبرات السياسية والإدارية خلال عمله في العديد من مواقع العمل والقيادة، والتي كان آخرها المسئولية عن ملف "رؤية عمان 2040"، والتي تعد بمثابة الخطة الطموحة لتطوير ونهضة عُمان خلال السنوات المقبلة، والتي تعد تخطيطًا لمستقبل عُمان بهدف صناعة مستقبل مزدهر مشرق للشعب العُماني. ومن ثم فقد كانت تلك المسئولية دليلًا علي الثقة الكبيرة التي حظي بها لتولي مثل هذه المهمة الكبيرة لما يتمتع به من خبرة وحنكة سياسية وإدارية، إلي جانب نظرته الثاقبة لمستقبل عُمان وسياستها الداخلية والخارجية وسط منطقة تموج بالصراعات والاضطرابات. 
      وعلى الرغم من أن السلطان هيثم بن طارق قد تقلد مقاليد الحكم في ظروف دولية غير مسبوقة، وسط تحديات اقتصادية تعصف بكل دول العالم، لكنه استطاع العبور بعُمان إلى بر الأمان، ومواصلة بناء الوطن على أسس النهضة التي أرسى قواعدها السلطان قابوس، وتبنى رؤية عُمان 2040، التي ركزت على تنويع الاقتصاد وتشجيع الابتكار وتمكين الشباب ليكونوا قادة المستقبل، وأكد على دور عُمان كجسر بين الشرق والغرب، وحافظ على سياسة الحياد التي أصبحت جزءًا من هوية البلاد، ليواصل مسيرة البناء والتنمية والاستقرار نحو المستقبل بخطوات واثقة. 
      بداية من عهد أحمد بن سعيد الذي وحد البلاد وأسس أسرة البوسعيد، إلى السلطان هيثم بن طارق الذي يقود النهضة المتجددة، مر 280 عامًا من تاريخ عُمان الحديث، التي تظل نموذجًا يُحتذى به في الاستقرار والحكمة، وسط منطقة تموج بالتقلبات والتناقضات، فوسط تلك المنطقة المضطربة من العالم، تظل عُمان واحة الأمن والاستقرار بفضل استحضار روح الماضي واستشعار آفاق المستقبل.

مساحة إعلانية