مساحة إعلانية
إن الحضارة المصرية القديمة مليئة بالعديد من العجائب ،والغرائب و الأسرار . حتى الأن لم نعرف سر بناء الأهرامات . كذلك ما يعرف بلعنة الفراعنة . حيرت العلماء في تفسيرها ولكنني اليوم جئت إليكم بسر التحنيط عند القدماء المصريين . الذي يعتبر من أسرار الكهنة في المعابد .فهم فقط الموكل إليهم القيام بتلك العملية السرية . ولقد ظل التحنيط سر لم تعرف خباياه إلا منذ وقت قريب . وإليكم خطوات تحنيط الأموات كما وردت في بعض البرديات وبعض من بقايا ورش التحنيط.
الخطوة الأولى :-
يتم إحضار الجثة الى غرفة التحنيط ،و يوضع فوق طاولة مخصصة لذلك . ويتم تفريغ المخ من الجمجمة عن طريق كسر جزئي للأنف ، وسحب محتوي الجمجمة بسلك قوي مخصص لذلك . بعد ذلك يتم عمل فتحة صغيرة من الجانب الأيسر للجثة لتفريغ الأحشاء جميعها .ما عدا القلب يترك في موضعه لأنه وسيلة المومياء للعبور الى العالم الأخر .
يتم وضع الأحشاء في أربعة أواني من الفخار تسمي ( أواني كانوبية ) لحفظ الأحشاء بها مع المومياء عند الدفن .
الخطوة الثانية :-
يتم غسل تجويف الجثة بالماء الغزير ثم الماء والخل . لتنظيف من بواقي الاحشاء والدم . ثم يوضع حشو من القش والكتان المشبع بالملح ثم تغمر الجثة في ملح النطرون وتغطي به لمدة أربعون يوما لسحب كل الماء والسوائل من الجثة حتى لا تسمح بنمو البكتريا المحللة للجثث.
الخطوة الثالثة :-
بعد مضي أرعون يوما يتم نزع الجثة من الملح و تدهن داخليا وخارجيا بخليط من الراتنجات النباتية ( الصمغ ) والزيوت العطرية . لسد مسام الجثة وعدم نفاذ أي ميكروب اليها للحفاظ عليها من التحلل .
الخطوة الرابعة :- يتم سكب كميات كبيرة من العسل ثم يتم عمل لفائف الكتان المشبع بالزيوت العطرية . يتم اللف على الاطراف ثم بقية الجسم و أثناء عمل لفائف الكتان بطريقة احترافية يتم صب الزيوت العطرية على الكتان .
الخطوة الخامسة :- يتم صب كمية من القار ثم يتم عمل طبقة أخرى من لفائف الكتان وتلك الطبقة النهائية عادة يتم تلوينها
ورسم وجه المتوفي أو وضع قناع من الخشب او المعدن حسب أهمية صاحب الجثة .
الخطوة السادسة :-
يتم وضع المومياء في تابوت ويغلق غلقا جيدا بالراتنج ثم يوضع في تابوت اكبر منه ثم في التابوت الثالث والأخير وذلك يكون من الحجر في الغالب الذي سبق ونقش عليه إسم المتوفي و وظيفته وملخص لقصة حياته وبعد الأدعية والصلوات .
الخطوة السابعة :- ينقل التابوت الى المعبد الجنائزي لأقامة الصلوات عليه قبل توديعه الوداع الاخير ودفنه في مقبرته التي تم تجهيزها مسبقا وتم تزيينها بالنقوش والعبارات الدينية كالصلوات والادعية وبعض من سيرته الذاتية و أهم أعماله وإنجازاته .
ويتبقى السؤال الأهم . لماذا أهتم بالقدماء المصريين بالتحنيط ؟
إجابة هذا السؤال في غاية اليسر . وذلك لاعتقاد المصري القديم بالبعث والحياة مرة أخرى فيجب الحفاظ على الجثة بكامل هيئتها لتتعرف عليه الروح عند عودتها لتحل في الجسد و غالبا يتم وضع صورة مرسومة لوجه المتوفي او قناع يحمل ملامحه لتسهل عملية حلول الروح في الجسد
وكان يدفن مع المتوفي كل متعلقاته الشخصية وما يلزمه في الحياة الأخرى .
وجدير بالذكر أن التحنيط له ثلاث درجات حسب أهمية المتوفي و رتبته
النوع الاول:- يكون باهظ التكلفة لجودة الخامات المستخدمة ولا يقدر على تلك التكلفة سوى الملوك والامراء و زوجاتهم وابناءهم وكهنة المعابد وكبار رجال الدولة .
النوع الثاني :- يكون متوسط التكلفة ولذا تكون لعلية القوم والتجار والاغنياء والضباط وقادة الجيش .
النوع الثالث :- وهذا الأخير هو الاقل كلفة ، ويخصص لعامة الشعب من أهل كيميت .
وتتراوح مدة التحنيط ما بين أربعين يوما إلى سبعين يوما . يتم خلال تلك الأيام تجهيز الجثة والمقبرة جنبا إلى جنب .
وكان من الملاحظ يتم تأخير إحضار جثث الإناث إلى ورشة التحنيط لمدة ثلاثة أيام ؛ حتى يضمن أهل المتوفية عدم التعدي على الجثة خاصة لو كانت شابة وجميلة .
يذكر أن أقدم مومياء وجدت محنطة طبيعيا ؛ هي مومياوات جبلين ( ستة مومياوات ) وجدت في وضعية الجنين ، وحفظت تحت الرمال الحارة فتم حفظها طبيعيا دون تدخل بشري .
عمر تلك المومياء يعود إلى عصر ما قبل الأسرات 3400 ق. م
أستطاع «واليس بادج» حارس قسم المصريات في المتحف البريطاني بالكشف عنها في نهاية القرن التاسع عشر وكانت في مقابر رملية صغيرة قرب مدينة جبلين (مكانها الحالي مدينة نجع الغريرة قرب قنا) في الصحراء الغربية.
أما عن أجمل وأدق عملية تحنيط تمت للشاب ( هرقل )
حيث لفت لفائف الكتان بطريقة عبقرية لا يمكن تقليدها أو لفها مرة أخرى إذا تم فكها ؛ لذا لم يجرأ علماء الأثار على فك لفائف تلك المومياء .
ولقد كشف علماء الأثار عن مصادر الخامات التي كان يتم استخدامها في عملية التحنيط والتي ظلت سرا للعديد من القرون .
فكان يتم إحضار الملح من وادي النطرون شمال غرب القاهرة في منتصف الطريق الصحراوي الرابط بين القاهرة والإسكندرية ومقابل لمدينة السادات ؛ ولذا سمي بملح وادي النطرون ويتميز بنقائه ، وشدة ملوحته .
العطور والزيوت العطرية يتم جلبها من بلاد بونت ( الصومال حاليا )
الخشب يتم جلبه من بلاد فينيقيا (لبنان )لجودة أنواع الخشب في تلك المناطق وندرة الأخشاب في مصر .
أحجار التوابيت كانت تجلب من العديد من المحاجر المصرية أشهرهم محجر أسوان في جنوب مصر .
هل يمكننا التحنيط بعد كشف تلك الأسرار ؟
الإجابة كانت كالتالي :حاول العلماء تقليد خطوات التحنيط ولكن لم ينجحوا بصفة كاملة ؛ويرجع ذلك إلى إنه مازالت هناك أسرار لم تكشف بعد. مثل نسب و تركيزات وكميات المواد المستخدمة في التحنيط .بالإضافة إلى نظرية تدعي أن القدماء المصريين كانوا يستخدمون النظائر المشعة لحفظ الجثث الى آلاف السنين ،ولقد اكتشفوا بعض الكبسولات التي وضعت في حلق المومياء ،ولم يعرف دورها حتى الأن ويرجح البعض أنها سر لم يكشف حتى الأن
ولكن من المؤكد أستفاد الكهنة من معرفة تركيب جسم الإنسان ،وتشريحه للمساعدة على تطور الطب في تشخيص الأمراض وعلاجها .
كما أستفاد العلماء المعاصرين من المومياوات عن طريق دراستها بشتى الطرق الممكنة من أشعة سينية وأشعة مقطعية وتحليل الـ (DNA) فتم التعرف على أعمار المومياوات عند وفاتها ، والأمراض التي تعرضت لها أثناء حياتها والعمليات الجراحية التي أجريت لها حتى طريقة وفاتها .
ويعتبر تميز القدماء المصريين في فن التحنيط ما زال لغزا محيرا رغم تكشف بعض تلك الأسرار .



