مساحة إعلانية
منذ إن وجد الإنسان على سطح الأرض ، وهو يتميز بالفضول للمعرفة وحب التعلم دونا عن باقي المخلوقات ؛ وهذا بسبب شيء ميزه الله به وهو العقل . وبما إنك هنا عزيزي القارئ فلابد أنه أصابك فضول المعرفة، وأستفذك عنوان المقال وجئت لتستكشف معي ؛ ما خفي عليك كما فعل أسلافك منذ حوالي 300 ألف إلى 500 ألف سنة بأقل تقدير . وحتى تكمل معي الرحلة لن أسمح لك بذلك إلا بشرطين . الأول أن تفرغ ما في جعبتك من معلومات قديمة ،وتستعد لاستقبال علم القرن الحادي والعشرين وهو علم ميكانيكا الكم وعجائبه التي حيرت العلماء أنفسهم الذين وضعوا تلك النظريات .
الشرط الثاني إذا شعرت في بعض النظريات التي سنقوم بمناقشتها أنها تتعارض مع عقيدتك الدينية فلا تحمل نفسك إلا وسعها فهي مجرد نظريات قد تخطيء وقد تصيب .
هل أنت مستعد للانطلاق ؟
إذا هيا بنا نبدأ الرحلة سويا .
ما الفرق بين الفيزياء الكلاسيكية والفيزياء الكمومية أو الكمية ؟ من المعلوم لدينا أن دراسة حركة الأجسام وخصائصها ومكوناتها وتأثير البيئة عليها يسمي فيزياء؛ مثل قوانين نيوتن الثلاثة للحركة وقوانين الغازات وغيرها . أما ميكانيكا الكم وهي تعتبر فرع من فيزياء الكم تختص بدراسة حركة الإلكترونات أو الجسيمات دون الذرية من نيوترونات وبروتونات و كواركات . وعندما أختلف العلماء هل الإلكترون جسيم أو موجة ؟
وذلك بعد مشاهدات تجربة الشق المزدوج الشهيرة تلك التجربة التي تناولناها بالنقاش ضمن المقال الحائز على جائزة أوسكار المبدعين العرب لعام 2023م
بعنوان ( ميكانيكا الكم وجنون آينشتاين )
حيث أتضح أن الإلكترون يسلك مسلك الجسيمات إذا قمت بمراقبته ويأخذ صفات الموجة إذا لم نقوم بمراقبته ؛ وهذا ما عرف بـ (observer effect ) أي تأثير المراقب . ومن هنا تم الاتفاق بين العلماء على أن : الإلكترون له خصائص الموجة والجسيم في ذات نفس الوقت . حسب حالة المراقبة فيما عرف بـ التراكب الكمي أو quantum superposition . ثم ظهرت علينا نظرية الأبعاد العلوية وهي عبارة عن إحدى عشر بعدا نحن كبشر لا ندرك أو نستوعب منهم سوى أربعة أبعاد فقط وهم الطول والعرض والارتفاع والزمن ؛ ولكن هناك مخلوقات مثل الجن والملائكة تعيش في أبعاد علوية يصعب علينا استيعابها أو مراقبتها . بعكس تلك المخلوقات ذاتها يمكنها الولوج إلى عالمنا في البعد البشري. فيما يعرف بالظهور أو التجسد وعرفت نظرية الأبعاد العلوية بـ ( superstring theory ) أو نظرية الأوتار الفائقة
.
والتي تقول : أن الكون عبارة عن ترددات موجية ولكل نوع محدد من الترددات يظهر الكون بشكل أو طبيعة مختلفة فيما نتج عنه نظرية الأكوان الموازية ؛وهي أن الكون له ملايين الاختيارات في الظهور أو التشكل أو السلوك ؛ ولكن يظهر كما نراه حين نراقبه ؛ لأننا نحن البشر قررنا نراقبه فظهر لنا بما نستطيع أن نستوعبه ؛ وهو الكون رباعي الأبعاد . وحين قال أحد العلماء أن القمر يظهر بهذا المظهر لأننا نظرنا إليه وأثرنا عليه بوعينا البشري؛ فظهر مثل ما نراه الأن ؛ ولكن جاء أينشتاين ليعترض قائلا : ( أحب أن يكون القمر كما هو حتى ولم أكن أنظر إليه ) وعندما عرضت عليه نظرية الأكوان الموازية قال: جملته الشهيرة ( إن الله لا يلعب النرد )
والأن تسألني ما علاقة كل هذا بالوعي الكمي ؟
أجيبك: أن تلك المعلومات كانت مجرد مقدمة لابد منها للولوج إلى نظرية الوعي الكمي أو فيما تعرف
بـ quantum consciousness
وحتى نفهم العلاقة. لا بد من العودة إلى المخ أو العقل وما يحمله من وعي . ونبدأ بتعريف كل منهما على حدة . حيث أن المخ هو ذلك العضو الغامض القابع بغرفة مظلمة أعلى الجسم البشري؛ وهو عبارة عن مجموعة من الخلايا العصبية والدهون والماء ويمثل الماء من كتلة المخ حوالي 72% وهي نفسها نسبة الطاقة المظلمة في تكوين الكون ،وحوالي 5% مادة ملموسة و 23% مادة مظلمة وتشابه تكوين المخ مع الكون هي أولى الخطوات التي سننطلق منها . حيث جاءت بعد ذلك نظرية الابعاد العلوية في المخ كما في الكون . نرجع إلى معرفة الفرق بين المخ والعقل و الوعي . عرفنا معني المخ هو العضو المادي والعقل هو ذكاء الإنسان واكتشافه حلول لمشكلات تقابله يوميا . أما الوعي فهو مجموع الخبرات التي أكتسبها الإنسان عبر حياته الشخصية أو التي ورثها من أسلافه تلك التي تسمح له معرفة الألوان والروائح وفصول السنة والليل والنهار والمشاعر المختلفة وتخزن تلك المعلومات في القشرة الدماغية الرمادية (Grey Matter) عرفت بهذا الاسم نسبةً للونها الرمادي، وتُشكّل المادة الرمادية طبقة القشرة الدماغية من الدّماغ، بالإضافة إلى مركز الحبل الشوكي، إذ يتشكل الدّماغ من المادة الرمادية بنسبة 40%، ومن المادة البيضاء بنسبة 60%، ومع ذلك، فإنّ المادة الرمادية تستهلك ما يُقارب 94% من كمية الأكسجين الكلية التي يستهلكها الدّماغ، وتتشكّل المادة الرمادية بشكل عام من الخلايا العصبية والتي تؤدي وظائفًا متعددة في معالجة المعلومات، والتحكم بالعواطف، والحركة، والذاكرة.
من عجائب تلك القشرة أن بها مراكز تضئ عن المرور بذكريات معينة . أو خلايا تضيء عند مروري بطريق معين ومن هنا تم إكتشاف أن الوعي البشري يكمن في القشرة الدماغية سابقة الذكر ومعرفة الزمان والمكان والعواطف مرتبطة بتلك القشرة . والأغرب من ذلك عند قياس نبضات القشرة المخية الكهرومغناطيسية عند التعرض لحل مشكلة أو إجابة سؤال يبدا المخ بنقطة مضيئة فيما يعرف بالبعد الصفري، ثم تتحول إلى خط مستقيم فيما يعرف بالبعد الثنائي ،ثم تأخذ في الارتفاع فيما يعرف بالبعد الثلاثي ،ثم تنقسم إلى بعد رباعي وتتوالي الانقسامات حتي تصل الي إحدى عشر بعداً، وعند الوصول للحل النهائي . تنهار كل تلك الأبعاد إلى العدم وكأنها لم تكن ؛ وهذا ما يسمي بالوعي الكمي ؛حيث سرعة حل المسألة تكون بنبضات كهرومغناطيسية في أنفاق مخية تشبه الثقوب الدودية في الكون الأعظم ولولا تلك السرعة المذهلة التي تسبق سرعة الضوء بآلاف المرات لأستغرق حل مسألة واحدة مليون سنة ؛ وهذا هو الوعي الكمي للإنسان . والذي ثبت تشابهه بل تطابقه مع الوعي الكوني؛ حيث أن الكون جميعا المكون من مجرات وكواكب تسلك نفس الطريقة في نقل المعلومات فيما بينها فيما يعرف بالثقوب السوداء والثقوب الدودية ؛التي تختصر ملايين السنين الضوئية إلى بضعة أيام أو شهور . وهذا ليس مجرد فرضية؛ فلقد أثبت عالمان إيطاليان التطابق بين تراكيب المخ وفسيولوجيته وبين شكل الكون وسلوكياته عن طريق التقاط الصور للمخ والكون وتتبع حركة النبضات المخية والنبضات الكونية وكان ذلك عام 2020م . هذان العالمان هما
( روجر بن روز )عالم الفيزياء الكمية و ( ستيوارت هام روف ) جراح المخ والأعصاب . وكنت أود أن لا أثقل عليك بكم المعلومات ولكن يؤسفني أبلغك أن العالم لم يتوقف عند هذا الحد . بل تمادي وقال: يمكننا نقل الوعي الإنساني على أسطوانة أو فلاشه وإعادة استخدامها على روبوت ( إنسان الي ) لتعيش ذكرياتك و وعيك معه الي الأبد. فأن مات مخك فلن يموت وعيك ، وسيظل محفوظا للأبد ويسعدني أن أخبرك : لقد أوشك هذا المشروع على الانتهاء ؛وهو نقل الوعي الكمي للإنسان الي روبوت .
ولكن الأخطر من ذلك نظرية هولوجرام المخ أو ما يعرف بـ
Holonomic brain theory
وتستعرض تلك النظرية أن الكون والإنسان ما هم إلا محاكاة في وعي أكبر يسمي الوعي الكمي الكوني . وما نحن إلا مجرد وعي صغير في مخ و وعي كيان أعظم قد يكون هذا الكيان هو الله الذي خلق الكون والإنسان ويمدنا بوعيه الذاتي ويتواصل معنا عبر قنوات الاتصال الكمومية ؛أو ما يعرف بالوحي وما نحن البشر إلا ذرات في وعي أعظم و أكبر يصعب علينا استيعابه ويصعب علينا تصوره وهو الوعي الإلهي .
حيث ذكر الله تعالي في محكم التنزيل وكتابه العظيم القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)
سورة الحجر
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾
[ الإسراء: 85]
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه
دَواؤُكَ فيكَ وَما تُبصِرُ وَدَاؤُكَ مِنكَ وَما تَشعُر ُوَتَـحْـسَبُ أَنَّـكَ جِـرْمٌ صَـغِـيرٌ وَفيكَ اِنطَوى العالَمُ الأَكبَرُ