مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

شحاته زكريا يكتب :حين تنحني الحضارات احتراما.. وتبتسم الشمس لميلاد مصر الحديثة

2025-11-02 01:05 PM - 
شحاته زكريا يكتب :حين تنحني الحضارات احتراما.. وتبتسم الشمس لميلاد مصر الحديثة
شحاته زكريا
منبر

في لحظة تشبه الأسطورة أكثر مما تشبه الواقع وقفت مصر بالأمس على منصة الزمن لتفتح بوابة من الضوء تربط الماضي بالحاضر وتعلن للعالم أن التاريخ لا يُروى... بل يُعاد إلى الحياة. كان افتتاح المتحف المصري الكبير حدثا استثنائيا تجاوز حدود الاحتفال الرسمي ليصبح مشهدا كونيا تعانق فيه الحجارة القديمة مع الفولاذ الحديث وانحنت فيه الحضارات إجلالا لبلد لا يزال يُعلم العالم معنى البقاء.

من أمام ذلك الصرح المهيب ، بدت القاهرة كعاصمة أبدية للدهشة.
كل زاوية في المتحف تروي قصة إنسان بنى مجده بالحلم والعقل ، وكل قطعة أثرية تنطق باسم مصر الذي لا يشيخ. لم يكن الافتتاح مجرد عرضٍ لتاريخ طويل بل استعادة لصوتٍ مصري أصيل ظل حاضرا منذ آلاف السنين يقول: “هنا وُلدت الحضارة وهنا لا تموت.”

الأنظار كلها كانت مشدودة إلى الجيزة والقلوب ترفرف بين أروقة المتحف كأنها تبحث عن نفسها بين التماثيل والنقوش.
وفي تلك الليلة الفريدة شعرت الإنسانية كلها بأن مصر لا تملك آثارا... بل تملك ذاكرة الأرض.
من أمام واجهة المتحف الشفافة ، بدت الشمس وكأنها تُوقّع شهادة ميلاد جديدة لوطنٍ يكتب تاريخه من جديد ، لا بالحجر هذه المرة بل بالعلم والإرادة والرؤية.

كان خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي بمثابة الخيط الذي جمع الأزمنة. تحدث بصوتٍ هادئ يحمل يقين الحضارة مؤكدا أن مصر التي بنت الأهرامات قادرة على بناء المستقبل وأن القوة الحقيقية ليست في امتلاك الماضي بل في تحويله إلى طاقة تُضيء الحاضر.
لقد أدرك العالم — وربما للمرة الألف — أن مصر حين تقول ابدأوا من هنا  فإنها لا تروي قصة قديمة بل تفتح بابا جديدا للحلم الإنساني كله.

تجلى الانبهار في عيون الوفود التي جاءت من كل القارات. لم يرَ العالم مجرد متحف بل رمزا لمعنى الإنسان نفسه. كيف يصنع الجمال من الصخر وكيف يخلّد فكرته في وجه الزمن.
وقف الجميع أمام تمثال رمسيس الثاني كأنهم يواجهون السؤال الأبدي: ما سر هذا الشعب الذي لا يُهزم؟ كيف يستطيع كل جيل أن يواصل البناء حيث توقف الأجداد؟
الإجابة كانت أمامهم — في صمت الحجارة التي تنبض بالحياة — أن المصري لا يشيخ لأنه لا ينسى من يكون.

افتتاح المتحف المصري الكبير لم يكن فقط لحظة فخر وطنية بل كان إعلانا عالميا أن مصر دخلت عصرا جديدا من صناعة الوعيحيث تتحول الثقافة إلى اقتصاد والهوية إلى قوة ناعمة والتاريخ إلى مستقبل.
لقد أدهشت مصر العالم لأنها لم تقدّم ماضيها في صندوق من زجاج بل قدّمته في روح من ضوء تعيد تعريف معنى الحضارة.

وفي نهاية تلك الليلة التي أشرقت فيها القاهرة ككوكبٍ من الجمال أدرك الجميع أن مصر لا تروي التاريخ... بل تكتبه من جديد وأن الحضارة ليست ما نحتفظ به في المتاحف بل ما نحمله في قلوبنا من إيمان بأن هذا الوطن كلما وقف على أطلاله بنى منها غدا أكثر بهاء.

هكذا من قلب المتحف المصري الكبير خرجت مصر لتقول للعالم كله:
لسنا أبناء الماضي فقط... نحن صُنّاع المستقبل.

مساحة إعلانية