مساحة إعلانية
قد يكون مفيدا أن نفرق بين "المعنى اللغوى" و "المعنى الاصطلاحى" لكلمة ( الترقيم ) :
" الترقيم " - لغويًّا- مأخوذ من (رقَم ) الكتاب ، إذا كتبه ،
[ومنه قوله تعالى { كتاب مرقوم } وقوله تعالى {أم حسبْتَ أن أصحاب الكهف والرقيم} ] ،
أو من ( رقّم ) الكتاب بمعنى نقّطه ليبيّن حروفه ، أو بمعنى نقشه وزخرفه ..
ولم يعرف العرب من علامات الترقيم فى القرون الأولى سوى النقطة ، ولم يكونوا فى حاجة إلى ذلك ، كما لم يكونوا فى حاجة إلى وضع : لا النقاط ولا علامات التشكيل على الحروف ، بل كان العربىّ يغضب ممن يرسل إليه رسالة منقوطة أو مشكّلة ..!
و "الترقيم "- اصطلاحيا- هو نظام من الحركات والعلامات التى تستعمل فى تنظيم الكتابة ، فى الفصل بين كلمات أو أجزاء من الجملة ، فتُحوّل النص إلى أفكار جزئية تسمّى فقرات ، بهدف تنظيم النص المكتوب وتيسير قراءته وفهمه ، وهذه العلامات لا تعتبر من الحروف ، وهى غير منطوقة ، كما تفيد - صوتيا - فى سرعة الفهم وجودة الالقاء ، عن طريق النبر على مقاطع الكلمة ، وكذلك فى نبرة الصوت الذى تنـتهى به الفقرة ، إذ أنّ للسؤال نبرة ، وللتعجب نبرة ، وللاستغاثة نبرة .. إلى آخره ، ونلاحظ أن كثيرا من الإعلاميين لا يراعون ذلك حين يطرحون الأسئلة على ضيوف برامجهم ، فإن نبرة الصوت ، لا توحى بالسؤال ، بل توحى بأن عبارتهم جملة هى خبرية وليست سؤالا ، وذلك من خلال تعبير نبرة الصوت فإن نبرة الصوت لا توحى بسؤال ، وللتدليل على ذلك نقول تتجلّى أهمية علامات الترقيم كذلك فى الفرق بين (ما أحسنُ الرجلِ ؟) ، و ( ما أحسنَ الرجلَ !) و ( ما أحسنَ الرجلُ .) فالجملة الأولى استفسار عن الحسن فى الرجل ، والثانية تعجب واندهاش من حسن الرجل ، والثالثة استخدمت " ما" لتنفى إحسان الرجل
من هنا يتبين لنا أن الإعراب وعلامات الترقيم ونبرة الصوت ، تتضافر كلها فى توضيح معنى الجُمل و إبرازها ، ومساعدة القارئ على فهم ما يُكتب ، ومساعدة السامع على فهم ما يسمع
ونضرب لذلك بعض الأمثلة لتبيان ما طرحنا
١- عن استخدام الفاصلة
يا بُنَىّ ، إنّ الدنيا فانية ، فلا تتعلّق بها
٢- عن استخدام الفاصلة المنقوطة
ذهبت إلى المستشفى ؛ لأعود مريضاً
٣-عن علامة الاستفهام
أين كنت البارحة ؟
٤-عن علامات التنصيص
يقول أحد الحكماء " تصفرّ الشمس عند المغيب خشية الفراق "
٥- عن علامة التعجب ( وتسمى أحيانا علامة الانفعال )
يا ربّ ، سبحانك !
…………
ولسوف نتحدث فى الحلقات القادمة عن استخدامات كل علامة من علامات الترقيم على حدة ، وعن الدور الذى تقوم به كل علامة ، والمواضع المختلفة التى توضع فيها