مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

الشاعر والباحث عبد الستار سليم يكتب:حول التفعيلة"مستفعلن أو مستفع لن"

2025-01-06 04:02:28 -  تحديث:  2025-01-06 04:03:14 - 
الشاعر والباحث عبد الستار سليم يكتب:حول التفعيلة"مستفعلن أو مستفع لن"
الشاعر والباحث عبد الستار سليم

 بعث إلىّ مَن يستوضحنى مسألة  فى  "علم العروض "
حول  التفعيلة  "مُـستفعلن"..
 وهل هى  "مُسْـتَـفْـعِـلُـن"  أم "مستفع لن" ..؟ 

فى البداية نشير إلى أن الكلام يتكون من  متحركات وسواكن (حروف متحركة وأخرى ساكنة) ، فى مقاطع صوتية تطول أو تقصر ، لذا نسوق بعض التسميات العروضية لهذه المقاطع ، لكى يسهل الحديث عنها ..

إليكم هذه العبارة الشهيرة التى تقول 
 ( لَـمْ   أَرَ   عـلَـى   ظَـهْـرِ   جَـبَـلٍ    سَمَكَةً )

مع مراعاة أن حروف العلّة  (و ، ا ، ى)  حروف ساكنة ، والتنوين  - بالضم ، أو بالفتح ، أو بالكسر - ما هو  إلا " نون" ساكنة ، والحركة فى نهاية القافية يتم إشبَاعها ، فيُزاد إليها حرف علّة ساكن من نفس جنسها ، لتصبح حركة متبوعة بسكون ، والتشديد يُفكّ بحرفين ( ساكن يليه متحرك) ، كما أن التقطيع العروضى يعتمد النطق لا الكتابة ، بمعنى أن ما يُنطق يُكتب ، و ما  لا يُنطق لا  يُكتب ( حرف الواو فى "عمرو " لا يُلتفت إليه  ،  ومثل ذلك  حرف الألف فى " ذهبوا " ) ، أما فىى كلمة "هذا" ، فتكتب عروضيا  "ها ذا"..!
و إذا أشرْنا إلى الحركة - الفتحة أوالضمة أوالكسرة - بالشرطة المائلة  " /  " كعلامة  ، و إلى السكون  برمز  السكون " ٥ " كعلامة ، و مثّلنا  مقاطع عبارتنا  الشهيرة  بهذه العلامات ، نجد 
(لَمْ)  يمثّلها ( /٥) ، ويسمى هذا بـ " سبب خفيف " ، 
و
(أَرَ) يمثلها  ( // ) ، ويسمى هذا بـ " سبب ثقيل " ، 
و
(عَـلَى) يمثلها  ( //٥) ، ويسمى هذا  بـ " وتد مجموع "
، و
( ظَهْرِ) يمثلها ( /٥/ ) ، ويسمى هذا  بـ " وتد مفروق "
(جَـبَـلِـن ْ)  يمثّلها ( ///٥) ، ويسمى هذا بـ "فاصلة صغرى " (و نلاحظ أنها مكونة من سبب ثقيل وسبب خفيف ) ، 
و
( سَـمَـكَـتَـن ْ) يمثّلها ( ////٥) ، وتسمى هذه بـ " فاصلة كبرى " (ونلاحظ أنها مكونة من سبب ثقيل و وتد مجموع )

  ونعود إلى (مستفعلن /٥/٥//٥) فنجد أنها تتكون من سببين خفيفين، يليهما وتد مجموع 
(/٥ - /٥ - // ٥) ، ( ومثالها عبارة   مثل "ماذا ترى" ، فهى تتكون من  متحرك يليه ساكن ، ثم متحرك يليه ساكن ، ثم متحركيـْن يليهما ساكن  )
و(مستفع لن)  نجد أنها تتكون من سببين خفيفين بينهما وتد مفروق ،( /٥ -  /٥/ - /٥ ) ولذا سمّوْها " ذات الوتد المفروق " ، (وهى تمثيل لعبارة مثل  " فى بَـيـْـتِـنَـا ")

والبحر الشعرى  " المجتثّ " ، بحسب الدوائر العروضية يكون وزنه - فى كل شطر - هو 
  (مستفع  لن     فاعلاتن     فاعلاتن)
ولكن نظرا  لأن  هذا البحر لا يأتى إلا مجزوءًا- أى بحذف الثلث الأخير من تفعيلات كل شطر - فيكون وزنه المستعمل  هو  ( مستفع لن   فاعلاتن ) ، لكل من الصدر ، والعجُز - والصدر و العَجُز ، هما الشطران الأول والثانى ، على الترتيب - ..( فى كل بيت من القصيدة نجد أن الشطر يتكون من جزأين : وهما تفعيلات الحشو، وبعده التفعيلة الأخيرة التى لها اسم خاص،
 فالصدر ينتهى بتفعيلة تسمى "العروض" ، و العَجُز، ينتهى بتفعيلة تسمى  "الضرب ") ، فالحشْو - هنا - هو مستفعلن فى الشطرين 
والتفعيلة "مستفع لن" ، نجدها  فى  بعض كتب العروضيين مكتوبة "مستفعلن" استسهالا ..
 ونحن نعلم أن التفعيلة الشعرية قد لا تظل على حالها ، بل يدخل عليها تغيير- بالنقص أو الزيادة أو تسكين المتحرّك- ( و يسمى هذا التغيير اصطلاحا بالزحاف) والتغيير فى الحشو يسمى زحاف الحشو ، والتغيير فى العروض يسمى زحاف العروض ، والتغيير فى الضرب يسمى زحاف الضرب .. 
والحشو - هنا - هو مستفعلن فى مبدأ الشطر الأول والثانى ، و التى قد  تصبح " متـفْعِلن" ، وذلك بحذف الثانى الساكن منها ، لكن لا يجوز أن تُحذف منها  الـ" فاء " .. من أجل هذا  قرّر العروضيون كتابتها  "مستفع لن" وسَمّوْها  ذات الوتد المفروق ، ( والزحافات لا تجرى على الأوتاد) ..!

       أما تفعيلة العروض " فاعلاتن " فيجوز أن يلحقها زحاف متمثلا فى حذف الثانى الساكن من السبب الخفيف الأول ، فيصبح وزن التفعيلة "فعِلاتن " ،
( ونقول "يجوز"  ، بمعنى أنه متى ورد الزحاف  فى بيت ، لا يلزم وروده فى بقية الأبيات )
     أما تفعيلة الضرب " فاعلاتن " فيجوز - أيضا- حذف
" العين " لتصبح " فالاتن " لتصبح  ثلاثة أسباب متتالية .. 
ومن الشعر الذى ورد على بحر المجتث ، قول ابن المعتز، عن مدينة " سامرّاء "  أو ( سُرّ من رأى) حين رآها تُنقض ، لاستخدامها  فى بناء "بغداد" ، فقال :
  
قد أقفَـرَت سُرّ مَن را … فما لشئٍ    دوامُ
فالنّـقْـضُ يُحمل  منها … كأنّها       آجامُ
*
وإذا حاولنا التقطيع العروضى ، نجد 

قد  أقفرتْ             سُـرّ مَــنْ را
/      ٥/٥  //٥        /٥//٥ / ٥                              ٥  /
مستفعلن                فاعلاتن 

فـــما   لشيْ                ئنـْدوامو
 / / ٥// ٥  /٥           /٥ // ه/٥                            
  متفْعلن                    فاعلاتن
{ و أنا أرى ، أن الشاعر ، الذى  كان ينشد شعره - أى يتغنّى به - وهو على ظهر راحلته ، فمع حركة سيـْر الناقة ، يهتزّ راكبها، فكان يمتدّ منه  بعض الحروف فى غنائه ، فتخرج الجملة ( فما لشئ دوامُ) بشكل آخر على النحو (فاما لشئ دوامو ) لتصير (مستفعلن فاعلاتن) ، و قِسْ على ذلك …! }

والزحاف دخل تفعيلة العروض ، فى الشطر
فالنّقضُ يَحْ           مِلُ منْها
/٥ /٥ //٥              ///٥ /  ٥                              
مستفعلن                   فَعِلاتن 

ومثله فى قول الشاعر "المازنى" 
ثوبُ الحياةِ بَـغيضٌ … ياليْتنى مالبِسْـتُـهْ
و
التقطيع العروضى هو  

ثوبُـلْحيا     تِـبَـغِـيضُنْ …
/٥/ ٥//٥        ///٥  /٥                               ٥/
مستفعلن      فَـعِـلاتُن

يا ليتنى          مالبستُهْ
/٥/٥//٥           /٥//٥    / ٥                          ٥/

مساحة إعلانية