مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب : هل تقدم الإذاعة استقالتها من حياتنا ؟

2025-10-31 21:31:26 - 
الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب : هل تقدم الإذاعة استقالتها من حياتنا ؟
الشاعر الدكتور مصطفي رجب

 مع الاكتساح الجامح لأساليب ووسائل الاتصال الحديثة ، ولاسيما شبكة الانترنت ، بدأ التربويون يقلقون بشدة على واحدة من أهم مؤسسات التربية الرصينة  وهي الإذاعة .
والإذاعة كوسيلة اتصال تتصف بأنها وسيلة جماهيرية ، وتوصف أيضا بأنها ساخنة بمعني أنها تتحقق فيها الفورية أي فورية التدفق الإعلامي، وتوصف بأنها وسيلة اتصال ذهنية انفعالية ديمقراطية لتداول الأفكار والآراء والمعلومات عن طريق المشاركة، فالمجتمع يتلقي الرسائل الإعلامية الإذاعية، يتلقاها من خلال الأذن كأصوات وهو يتأثر بالأداء الصوتي، وما يتسم به ذلك من تلقائية فريدة، وهكذا يصبح التأثير انفعالياً وذهنياً،  وهي وسيلة ديمقراطية لأنها الوسيلة الأرخص والأكثر شعبية.  
 والإذاعة كوسيلة اتصال تقوم بتزويد الجماهير بزاد ثقافي عن طريق تقديم المعارف وتفسيرها والتعليق عليها للفئات المختلفة وذلك في مختلف برامجه وتعتمد علي ذلك علي التبسيط والتجسيد والتصوير والواقعية مستعينة في ذلك بفنون الإخراج الإذاعي من إمكانات الكلمة المنطوقة ومجالات التخيل والتصور والتفكير أمام المستمع.
 
استخدامات الإذاعة ووظائفها :-
 وقد استخدمت الإذاعة منذ نشأتها استخداماً علمياً لإغاثة السفن والاتصال بالمسافرين الضاربين في الصحاري والقفار ولطلب للنجدة من الحرائق والحوادث وغيرها فكان استخدامها إنسانياً واجتماعياً وأصبح أهم ما يميز الإذاعة سرعتها.
 فالإذاعة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة كل فرد منا، وأنها الصديق، والرفيق، والناصح، ومصدر للسعادة، والأمل، والراحة والاسترخاء ، وربما الثورة والغضب والتوتر وقد لا تكون وظائف الإذاعة واستخداماتها قد تغيرت كثيراً عن الناحية النظرية ، لكن الذي لا شك فيه أن تلك الوظائف قد تنوعت واتسعت واختلفت من دولة إلى أخري، واتسعت دائرة ذلك التنوع ليشمل العديد من الجوانب الحيوية الهامة في حياة الأفراد والشعوب. فالأخبار تنقل في حال وقوعها، والمستمعون يشاركون في متابعتها وخير مثال علي ذلك فقد سجل تاريخ الاتصال تغطية إخبارية مباشرة لكثير  من الأحداث التاريخية المهمة مثل حرب الجزائر، حرب فيتنام، أحداث لبنان ...إلخ. 
 وقد ظهرت وظائف للإذاعة فرضتها متغيرات العصر من متغيرات سياسية وحضارية واجتماعية واقتصادية ...إلخ فرضت هذه المتغيرات وجود وظائف عديدة أخري غير تلك التي كانت تسمي أهدافاً ولكنها لم تفقد الوظيفة الأولي لها وهي الإعلام. فنستطيع أن نحدد وظائف الإذاعة في العشر وظائف الآتية :
[1] الإعلام :-
 بمعني الإخبار حيث إن الإذاعة هي الوسيلة الجماهيرية من حيث الإخبار وهي الأسرع حيث يستمع المستمع إلى الأخبار التي تجري في العالم وقت حدوثها بالتحليل والتفسير والتعليق عليها.
 والإعلام هو التغيير الموضوعي لعقلية الجماهير ولروحها وميولها واتجاهاتها في نفس الوقت، وموضوعية الاتصال تعني أنه ليس تعبيراً ذاتياً، وترجع أهميته إلى مدي ما يوفره من معلومات صحيحة حول الموضوع الذي ترسله الإذاعة في الرسالة المقدمة من خلال البرنامج 
[2] التثقيف :-
 أي تثقيف المواطنين وهي من الوظائف الأساسية للإذاعة بشتي أنواع الثقافة ( سياسية ، اقتصادية ، فنية ، رياضية ... الخ ) من خلال البرامج التي تبثها من المحطات المختلفة.
 فإن تأثير الإذاعة ينصب أول ما ينصب علي الثقافة بمعناها العام والتي تشمل القيم والمواقف والاتجاهات وأنماط السلوك. وهذه لا يمكن تغييرها أو تعديلها وتأكيدها إلا علي فترات من الزمن تطول أو تقصر وفق طبيعتها ومدي تغلغلها في نفس الفرد.
[3] الترفيه :-
 وهي التسلية والترويح عن المواطنين من خلال الفكاهة عن طريق البرامج والمسلسلات الإذاعية التي تبث المتعة عند المستمعين.
[4] الدعاية :-
 لقضية أو سياسة معينة فتعمل الإذاعة علي الدعاية عن هذه القضية أو السياسة التي تؤيدها وتساندها بالحج والبراهين والمؤيدين لها لكي تخلق رأي عام جماهيري.
[5] المؤانسة :-
 للمستمعين حيث يستمتع المستمع ببرامجها الشائقة التي تؤنسه في حياته سواء في الليل أو النهار ومن خلال تقدي حوارات مع  الشخصيات الهامة في المجتمع.
[6] التعليم :-
من وظائف الإذاعة الرئيسية التعليم فهناك شبكة تعليمية خاصة تقدم لجميع الطلاب في مراحل تعليمهم المختلفة بالإضافة إلى البرامج التعليمية الأخري الموجهة للكبار، والجامعة المفتوحة، التعليم المستمر.
 وتستخدم الإذاعة في جمع الأغراض التعليمية مثل تعليم اللغات المختلفة وكذلك التعاليم الدينية والمواد القومية والاجتماعية والعلوم والموسيقي ويغطي الراديو جميع المراحل الدراسية وربما المرحلة الجامعية مما يساعد علي وصول برامجه للملايين رخص الثمن.
[7] التنمية :-
 من خلال البرامج المقدمة للمزارعين أو العاملين تفيد التنمية في جميع مجالات الحياة اقتصادية واجتماعية وسياسية وتنمية المواطنين أنفسهم داخل المجتمع.
[8] الخدمة :-
 من خلال البرامج التي تقدم للأسرة مثل برنامج [ربات البيوت...إلخ] والخدمات الصحية والزراعية والتجارية والمعلومات الشرائية ...إلخ والبرامج الخدمة في الإذاعة تسعى لحل مشكلات الجماهير المتصلة بمرافق الحياة التي تهمهم سواء كانت بلدية أو اجتماعية أو غيرها فيتلقي البرنامج المكالمات الهاتفية من المستمعين ويتصل بالمسئولين للرد عليها.
[9] التحريض :-
 أو الحث وذلك عن طريق تكوين رأي عام من جانب الشعب إما لقضية أو مشكلة معينة أو رأي معين تؤيده.
[10] الإعلان :-
 أي الإعلان عن المنتجات أو أي سلعة من خلال الإذاعة للربح.
 ومهما نقل فإننا أمام حقيقة واضحة وهي تربع الإذاعة علي عرش الاتصال لأنها الوسيلة الأكثر شيوعاً بين الناس وأكثر انتشاراً.
 ولكن نجد في العصر الحالي وما حدث فيه من تطور مذهل في عالم الاتصال فقد ظهرت متغيرات قد تهز مكانة الراديو (الإذاعة) ولكن على كل حال فإن الإذاعة استطاعت الصمود -إلي الآن- وبقيت كأحد الوسائل الاتصالية التي تتمتع بالجماهيرية وهذا ما وضح من وظائفها واستخداماتها المتعددة.
 فإن الإذاعة عامة "الراديو" لها العديد من الوظائف التي سبق ذكرها وعن طريقها ممكن أن نربي عند الناس عامة والتلاميذ خاصة بعض المهارات التالية بالإضافة إلى الوظائف الأخرى :
1) التعويد علي النطق السليم ، وإتباع قواعد اللغة العربية الفصحى وذلك من خلال المقدمين للبرامج فلابد أن يراعوا النطق السليم حيث إنهم قدوة للمستمعين.
2) إتباع التفكير المنطقي والتحليلي.
3) زيادة الزاد الثقافي لدي المستمعين في جميع المجالات من خلال عرض سير حياة الأدباء والشعراء والعظماء وبالتالي تعمل علي تنمية حب الأدب والشعر وحب تاريخ الوطن والانتماء له..
الإفادة من  الإذاعة في خدمة العملية التربوية :-
 نستطيع من خلال البرامج الإذاعية أن نبث القيم التربوية الحميدة بين نفوس الناس عامة والتلاميذ خاصة سواء في البرامج الإذاعية عامة والإذاعة التعليمية خاصة من خلال ذكر مواقف أو قصص تاريخية تحث علي الوطنية أو أهمية القيم وأثرها في المجتمع أو بث البرامج إلى أبنائنا في الخارج لكي نربطهم بوطنهم وقيمه ولا نتركهم عرضة لفقدان الهوية العربية الأصيلة في الخارج.
 إن نجاح العملية التعليمية كأحد أشكال عملية الاتصال يتوقف علي مدي التفاعل والتجاوب بين طرفي هذه العملية [المرسل، المستقبل]، والإذاعة عندما تستخدم في التعليم من الممكن أن تهيئ جواً نفسياً يجعل هذا التفاعل والتجاوب ممكناً علي الرغم من بعد المسافة إذا أحسن استخدام قدرة الإذاعة علي خلق الجو النفسي لنجاح العملية التعليمية، وتأتي هذه المقدرة من أن الإذاعة تؤثر في المستمع بشكل حميم لأن علاقة الألفة بينهما تفتح عالماً كاملاً من الاتصال الضمني وذلك من خلال البرامج عامة إذا توافرت العوامل الجيدة من النص والإعداد والإخراج بحيث يكون البرنامج علي أكمل صورة فيعمل علي جذب المستمع ومتابعته وبالتالي يرتبط بهذا العمل الجيد بجو نفسي.لأن عملية التعليم والتربية عملية إنسانية لابد من توافر عامل التفاعل البشري والاتصال الإنساني بين الملتقي للمعلم والمتعلم وبين الناس بعضهم وبعض. 
وسائل للنهوض بالأداء التربوي للإذاعة :-
 من الوسائل المساعدة في نهوض الإذاعة بأدائها عامة والتربوي خاصة ما يلي :-
(1) الحرص علي تقديم البرامج التعليمية في وقت مناسب وثابت ومعروف للجمهور المستهدف علي أن يعلن عن ذلك الوقت قبل بداية التقويم بوقت كاف وإذاعتها أكثر من مرة حتى تتاح الفرصة لمن لم يستمعوا إليها.
وكذلك البرامج الهادفة في جميع النواحي حتى يتسنى للمستمعين الاستفادة منها ولا يكتفي بذلك علي البرامج التعليمية في الراديو فقط.
(2) الاعتماد علي المتابعة الميدانية والإشراف والزيارات للأماكن التي يذاع عنها البرنامج سواء أكانت مدرسة أم مصنعا أم متجراً أم سوقا أم مزرعة أم الشارع ....إلخ حتى تصبح الإذاعة واقعية ..
(3) المشاركة الجماهيرية وذلك يكون بزيادة البرامج التي يشارك فيها الجمهور وعدم قصرها علي برامج المنوعات والتفكير في أشكال أخري للمشاركة.
(4) تسهيل عملية الاتصال سواء بريدياً أو هاتفياً بالإذاعة والردود علي رسائل المستمعين وتوثيق الصلة بين الإذاعة ومستمعيها. " لأن هذا التواصل يشجع علي مزيد من اهتمام المستمعين ومشاركتهم ولو من باب إثبات حقهم في أن يعبروا عن أنفسهم، حتى ولو كانت آراؤهم تختلف عن آراء الإذاعيين والمسئولين.
(5) لابد أن نهتم بالتخطيط الإذاعي كأي تخطيط آخر وهو توظيف الامكانيات البشرية والمادية المتاحة أو التي يمكن أن تتاح خلال سنوات الخطة من أجل تحقيق أهداف محددة والاستخدام الأمثل لهذه الامكانيات لأنه إذا كان التخطيط ضرورياً للكثير من الأنشطة الاجتماعية فإنه أكثر من الضروري بالنسبة للنشاط الإذاعي لأن الإذاعة وسيلة اتصال جماهيري .
(6) لابد للإذاعة كوسيلة اتصالية وتربوية أن تعبر التعبير الموضوعي عن عقلية الجماهير وروحها وميولها  وهذا يتوقف علي مدي ما توفره من معلومات صحيحة وموضوعية حول الموضوع الذي تعرضه الإذاعة وهذا يحتاج إلى توفير النظام الديمقراطي.
(7) لابد أن تهتم الإذاعة بتقديم المعلومات التي تخدم المواطن في حياته اليومية ونثر هذه المعلومات بين البرامج كلما أمكن ذلك أو في إطار البرامج النوعية وتركز هذا الاهتمام في الإذاعات الإقليمية والمحلية لأن ذلك من وسائل جذب المستمعين للبرامج وبالتالي الاهتمام به ومتابعته.
(8) إعطاء مزيد من المرونة والحركة والإمكانيات للخدمة الإذاعية وتخفيف القيود الرسمية التي تضعف من أدائها وأن تزيد من اهتمامها بالأخبار الاجتماعية والثقافية والدينية والرياضية ..إلخ حتى يصبح للإذاعة حركة أوسع وبالتالي يكون تأثيرها أقوي.
(9) عرض المواد المذاعة بطريقة بسيطة مفهومه من الجميع والمتسمة بالإيقاع السريع وهو إيقاع الحياة اليومي وعدم الإطالة المملة التي لا تفيد. واستخدام لغة مبسطة سهلة والأفضل  دائماً استخدام اللغة العربية الفصحي ، بالإضافة إلى الاستخدام الأمثل للغة الإذاعية من الكلمة المنطوقة والموسيقي الخالصة والموسيقي التصويرية والمؤثرات الصوتية والألكترونية.

مساحة إعلانية