مساحة إعلانية
من دقائق العربية .. ليس كل أوزان المبالغة تفيد المبالغة:
لقد تعارف اللغويون على أن بعض الأوزان الصرفية مثل " فَعَّال – فَعُول – مفعال ... " تفيد المبالغة أي كثرة الإتيان بالفعل، فمثلاً كلمة ( قَتَّال ) هي مبالغة من اسم الفاعل ( قاتل ) الذي يفيد القيام بالفعل لمرة واحدة. [وقد سمي أحد الشعراء المخضرمين ( القتَّال ) الكلابي لكثرة ارتكابه جريمة القتل]. وكذلك إذا قلت مثلاً ( فلان ذكور لمواعيده ) فمعناه أنه كثير التذكر بخلاف اسم الفاعل ( ذاكر لموعده).
الذين يعرفون هذه القاعدة يتوقفون أمام قوله سبحانه:
" وأنَّ الله ليس بِظلاَّمٍ للعبيد " [ آل عمران / 182 ] . لأن نفي المبالغة لا يستلزم نفي أصل الفعل. ومحال أن يقع الظلم منه سبحانه وتعالى لأحد من عباده.
وهنا نقول : إن العلماء توقفوا أمام هذه القاعدة التي يدرسها أبناؤنا الطلاب في المدارس، وقالوا إن صيغة فعَّال قد تجيء بمعنى فاعل وتلزم هذا البناء دون أن يكون المقصود من استعمالها المبالغة في الإتيان بالفعل. بل يقال : تمَّار لبائع التمر، وخبَّاز لبائع الخبز أو صانعه، وبقّال وبزَّاز( تاجر أقمشة ) .... الخ.
والدليل على ذلك قول الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد :
ولستُ بحلاَّل التلاع مخافةً ولكن متى يسترفد القوم أرفدِ
فهو لا يريد أنه قد يحل التلاع قليلاً. فالنصف الثاني من البيت لا يدل على شيء من ذلك. فهو ينفي البخل عن نفسه نفياً مطلقاً. فهو لا يهرب من مواجهة الضيوف. فحلاَّل هنا بمعنى ( حالَّ ) على وزن فاعل. وكذلك تكون ( ظلاَّم ) في الآية الكريمة – وما وردت فيه من آيات مماثلة – بمعنى ظالم...