مساحة إعلانية
* قال تعالى:
"وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به..." [آل عمران/ 126]
* وقال في سورة الأنفال:
"وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم..." [الأنفال/ 10]
قد يتوقف القارئ أو السامع أمام هاتين الآيتين فيلاحظ أن الجار والمجرور (لكم) جاءت بعد البشرى في آل عمران ولم ترد في الأنفال. وإن الجار والمجرور (به) قد جاءت بعد القلوب في آل عمران وجاءت قبلها في الأنفال. فما السر؟
إن تأمل السياق الذي وردت فيه كل آية من الآيتين يدل على سر ورودها على هذا النحو. فآية آل عمران جاءت إخباراً للمؤمنين بما تحقق لهم من عونٍ من عنده سبحانه في غزوة بدر على نحو ما يظهر من الآيات السابقة على هذه الآية (لقد نصركم الله ببدر..)
أما آية الأنفال فقد وردت في سياق يدل على أن المؤمنين استغاثوا وطلبوا العون من الله. حيث يقول تعالى:
"إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم.." فكان الأنسب أن تجيء كلمة (لكم) ملتصقة بالاستجابة الفورية لاستغاثتهم. وقد أغنى ذلك عن مجيئها مع البشرى بعد ذلك .
وأما تأخير (به) بعد (قلوبكم) فلأنه لما أخرَّ الجار والمجرور في الكلام الأول (بشرى لكم) وعطف الكلام الثاني عليه، أخر الجار والمجرور في الثاني كما أخره في الأول.
وأما تقديم (به) في الآية الثانية فلأن نفوس المؤمنين -وهم في حال كرب واستغاثة- أحوج ما تكون إلى التثبيت والطمأنينة.
والضمير في (به) عائد على إنزال الملائكة الذي هو موضوع البشرى. فتقديم الجار والمجرور هنا –وهو سادٌّ مَسَدَّ المفعول به – أدعى لتهدئة تلك النفوس الجزعة المتلهفة المتطلعة إلى نصره وعونه سبحانه .
والله تعالى أعلم