مساحة إعلانية
لما عين المرحوم محمد فيضي بك مديراً لمديرية جرجا سنة 1883م, حثَّ أهل المديرية على إنشاء مدرسة ابتدائية فأنشأوها وظلت تديرها جماعة من أهل سوهاج, إلى أن وفد إليها المرحوم محمد سعد الدين بك سنة 1888م مديراً للإقليم فسعى سعياً مشكوراً لإلحاقها بوزارة المعارف ونجح سعيه بعد جهاد ، وتولت الوزارة إدارتها من ذلك التاريخ .
وقد أنجبت هذه المدرسة رجالاً عاملين منهم سعادة توفيق دوس باشا, والمرحوم أحمد عبد الوهاب باشا, والمرحوم محمد رياض باشا, وأحمد بك سرور المدير السابق لإحدى مديريات الصعيد, وسعد الدين بك الضبع والأستاذ يوسف بك وهبي.
وفي سنة 1882م أسس جماعة من الفرير مدرسة ابتدائية أهلية بطهطا تخرج فيها كثيرون التحقوا بالمدارس الثانوية والعالية وكان لهم في نهضة الإقليم أثر مشكور. ولا تزال تلك المدرسة قائمة تسدي إلى طهطا نفعاً عظيماً غير أن إدارتها منذ سنة 1930م أصبحت في يد رجال الكنيسة الكاثوليكية.
وكان المرحوم بسطا بك روفائيل أنشأ في سنة 1896م مدرسة ابتدائية استمرت حتى سنة 1915 تؤدي رسالتها منفردة في خدمة التعليم ثم ألحق بها مدرسة ثانوية فكانت أول مدرسة ثانوية في مديرية جرجا.
أما مدينة جرجا فقد أنشأ بها المحسن الكبير المرحوم الخواجة جورجي مشرقي في أغسطس سنة 1918م مدرسة ابتدائية كانت تسمى مدرسة النهضة ثم أنشأ فيها قسماً ثانوياً نما تدريجياً وفيه تثقف كثير من أبناء جرجا الذين التحقوا بالمدارس العالية, ولا تزال المدرستان تؤديان رسالتيهما إلى الآن.
كما أنشأ مجلس المديرية في عهد المرحوم علي باشا أبو الفتوح مدير جرجا سنة 1911م مدرسة صناعية من الطراز الأول لإنهاض الصناعة بالمديرية وتخريج صناع ماهرين فكان لها الأثر الواضح في النهضة الصناعية في ذلك الإقليم. ومما يجدر ذكره أن تلك المدرسة قامت بجانب مدرسة زراعية في بناء واحد ، ثم انقرضت المدرسة الزراعية وبقيت الصناعية تؤدي رسالتها حتى تسلمتها وزارة المعارف سنة 1929م فازدهرت ونما التعليم الصناعي بها وتنوع إلى أنواع شتى .
ولما كان الراغبون في اختيار مرحلتي التعليم الثانوي والعالي يلاقون كثيراً من الصعاب في الرحلة إلى أسيوط والقاهرة ويتحملون كثيراً من النفقات التي منعت كثيرين منهم من إتمام تعليمهم .
لذلك كان نصيب أهل تلك المديرية [ = أهل محافظة سوهاج] من وظائف الدولة العليا ضئيلاً متمثلا في تلك الوظائف القليلة التي أدركها من ظفر بالتعليم في فجر النهضة. لذلك أحست المديرية بحاجتها الماسة إلى مدرسة ثانوية ( عامة) أميرية وطلبت إلى وزارة المعارف إنشاء مدرسة ثانوية بعاصمة المديرية لتؤدي رسالتها على الوجه الأكمل فأجابت الوزارة طلبها وأنشئت المدرسة في عام 1926م وكان مقرها قصر المرحوم محمود بك همام حمادي ، وأول ناظر لها الأستاذ الجليل لطفي بك البوريني. وقد لاقت أقبالاً عظيماً من أبناء المديرية وأبناء البلاد الجنوبية ( قنا – الأقصر – أسوان] حتى ضاق المكان بالطلاب فلم ير صاحب العزة أحمد بك صديق مدير جرجا وقتئذ بدا من إنشار دار فخمة تليق برسالة المدرسة وعظمة المديرية وتساير النهضة التعليمية بالوزارة وقد بذل في ذلك جهداً مشكوراً فدعا الأعيان إلى تناول الإفطار على مائدته في شهر رمضان. وشرح لهم ضرورة إقامة البناء الصالح لتعليم أبنائهم وقد جمع منهم المبالغ اللازمة لهذا العمل الجليل. وقد انتقلت المدرسة إلى البناء الجديد [ مدرسة سوهاج الثانوية العسكرية الحالية] عام 1929م فيسرت هذه المدرسة سبل التعليم لمختلف طبقات هذا الإقليم مما مهد السبيل أمامهم إلى التعليم العالي فتخرج فيه كثيرون من أبناء المديرية. وهم يشغلون الآن وظائف عالية ومناصب مشرفة. من محامين وأطباء وصيادلة ومدرسين ومهندسين وقضاة.