مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب: استخدام المفرد بمعنى الجمع

2025-06-16 12:39:36 -  تحديث:  2025-06-16 22:14:04 - 
الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب: استخدام المفرد بمعنى الجمع
الشاعر الدكتور مصطفي رجب
منبر

( للمتخصصين ومحبي اللغة )

هناك مزايا تتفرد بها اللغة العربية ، يجيء فيها الاستخدام اللغوي مخالفاً للقياس ، ومع ذلك فإن الذوق لا ينبو عنه ، ولا يرفضه بل يستسيغه ويقبله بلا تردد . فمن هذا الباب يرد استخدام المفرد معنياً به الجمع ، أو يرد الجمع معنياً به المفرد ، وهناك ثلاثة أوضاع للمفرد الذي يطلق ويراد به الجمع هي : 
1- أن يكون المفرد معرفاً .
2- أن يكون المفرد نكرة . 
3- أن يكون المفرد مضافاً . 
وقد ورد من ذلك في القرآن الكريم شيء كثير ، فمما جاء على الوضع الأول قوله تعالى { سيُهزَمُ الجمعُ ويولون الدُّبُر } فقد أطلق لفظ " الدُّبُر " هنا وهو معرفة وأريد به الجمع ، والمقصود ويولون الأدبار . 
ومن ذلك قوله تعالى { أولئك يُجْزَون الغرفةَ بما صبروا } والمقصود الغرفات أو الغرف جمعاً لغرفة بدليل ورودها مجموعة في آيات أخرى { لهم غرف من فوقها غرف مبنية } . 
ومن هذا النوع أيضاً قوله تعالى { وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا } والمقصود : والملائكة بدليل قوله تعالى في آية أخرى { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة } .
وقوله تعالى { أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء } والمقصود الأطفال . 
ومن أمثلة ما جاء على الوضع الثاني : أي يكون اللفظ المستخدم نكرة ويقصد به الجمع قوله تعالى { إن المتقين في جناتٍ ونَهَر } والمقصود : وأنهار بدليل قوله تعالى في آية أخرى وصفاً للجنة { فيها أنهار من ماء غير آسن } ، ومنه قوله تعالى { واجعلنا للمتقين إماماً } والمقصود : أئمة ، وقوله تعالى { ثم نخرجكم طفلاً } والمقصود : أطفالاً . وقوله تعالى { وحسن أولئك رفيقاً } والمقصود : رفقاء.
ومما جاء على الوضع الثالث : أي أن يكون اللفظ مضافاً ويقصد به الجمع قوله تعالى { إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي } أي : ضيوفي ، وقوله تعالى { .. أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ } عطفاً على ما ذكره من البيوت التي لا جناح على المؤمنين أن يأكلوا فيها ، والمقصود : بيوت أصدقائكم ،
وقد ورد في الشعر العربي القديم استخدام المفرد مقصوداً به الجمع فمن ذلك قول علقمة بن عبدة : 
بها جيف الحسرى فأما عظامها ....فبِيضٌ وأما جِلْدُها فصليب 
والمقصود : وأما جلودها فصليبة . 
وقول عقيل بن علقمة المري : 
وكان بنو فزارة شرَّ عَمٍّ ...وكنتُ لهم كَشَرِّ بني الأخِينا
يعني : كانوا شر أعمام . وكنتُ له شرَّ ابن أخ !!

مساحة إعلانية