مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب : أيَّ الأصنام تعبد ؟

2025-09-05 14:35:50 - 
الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب : أيَّ الأصنام تعبد ؟
الشاعر الدكتور مصطفي رجب
منبر

 الأصنام التي كانت في القديم أحجارا ، تبدلت صورها في عصرنا ولا يزال كثيرون يعبدون أصنامهم الخاصة وإن تظاهروا بغير ذلك ، فالرصيد من المال لدى بعض أهل عصرنا  والتفكر في زيادته ليل نهار .. صنم  ولكنه ليس حجرا ، وجمال المرأة أحيانا .. صنم !! ، والحزب السياسي .. صنم !!  والنادي والنقابة والتيار الفكري ، وجاموسة الفقير .. صنم !! ، والفيس بوك .. صنم !! والحاسوب... صنم !! و... و... كل تلك أصنام عصرية . مادام كل منها يأخذ من صاحبه اهتماما ووقتا وتفكيرا ومراقبة أضعاف ما يأخذه الرب تبارك وتعالى .
والشرك بالله تعالى له صور متعددة ، إحداها : عبادة الأصنام ، والأصنام والأوثان أحجار منحوتة على صورة الإنسان أو الحيوان كان الناس في جاهليتهم يتقربون إليها بالهدايا والتبتل والتبجيل اعتقاداً منهم بأنها آلهة في حقيقتها ، أو أنها على صورة الإله الذى يتخيلونه ولا يرونه .
والعبادة الخالصة معناها : اليقين بان المعبود هو وحده الخالق / المصور النافع الضار القادر على كل شيء ، فإذا اعتقد إنسان بأن هذا الصنم هو خالقه ورازقه وأنه يستطيع أن ينفع هذا الإنسان ويضره ، صار هذا الصنم – فى مفهوم من يعبده – إلهاً جديراً بكل تقديس وإجلال وعبودية ، ولما كان الصنم المنحوت – بيد البشر -  لا ينفع ناحته ولا يضره ، فالطبيعي أن من يعقل هذا الفعل يكون سفيه العقل ، عليل التفكير ، ضعيف الرأي ، عاجز الفكر ، 
ولو بلغه أن الله تعالى هو خالق البشر والحجر ثم لم يعبده فإنه يكون كافراً بالله تعالى . وهذا المعنى هو ما استقر منذ بعثة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، غير أن الإسلام تطلََّب من أتباعه متطلبات أخرى ، غير ترك عبادة الأصنام وإفراد الله وحده بالعبودية ، وهذه المتطلبات تنحصر في التسليم لله تعالى – وحده – بالقدرة والرزق والنفع والضر وقبل هذه الصفات : بصفة الخلق والإيجاد من عدم .
 وعلى هذا الأساس فإن هذه المتطلبات تستلزم بالضرورة الإيمان الخالص بالله وحده / خالقاً ، رازقاً ، نافعاً ، ضارًّا ، قادرًا .
 وجاء في القرآن الكريم " أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ " ( سورة الزمر / 3 ) والذي يقرأ  في سورة يوسف قوله تعالى " وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ  " ( سورة يوسف / 106 ) يشعر بقلق كبير فكيف يجتمع الإيمان والشرك معاً في القلب الواحد والوجدان الواحد ؟ 
وظاهر النص الشريف يشير إلى معنى يمكن أن نلمسه في حياتنا الحديثة ، فالانتماء إلى تجمع من التجمعات أو نقابة أو كيان أو تيار أو حزب أو اتحاد .... محفوف بالمخاطر ، إذا بلغ ولع المنتمي بالجهة التي ينتمي إليها حدَّ التعظيم والتقديس والولاء والولع والإجلال لدرجة تنقيص قدر من يخالفها ، أصبح هذا الانتماء يمثل خطراً عقيدياًّ على صاحبه ، 
لأن مناط تلك المشاعر كلها يجب أن يكون مقصوراً على المعبود بحق سبحانه وتعالى ولا يصح أن يشرك المؤمن بالله مع الله تعالى شيئاً سواه حتى يكون مؤمناً موحداً حقاًّ .
ومن هذا المنطلق ، نستطيع أن نتبنى وجهة نظر جديدة فحواها أن التماثيل التي كانت البشرية تتخذها آلهة في طفولة العقل الإنساني وباكورة شبابه ، لا يمكن اتخاذها آلهةً في زماننا هذا بحكم نضج العقل الإنساني وتطوره ، فوجودها ليس مناطاً للإشراك بالله تعالى ، بل الشرك في عصرنا يتخذ صوراً حديثة بديلة لتلك الأصنام لا تخفى على أحد . وهي تلك الصور التي بدأنا بها هذا المقال .

مساحة إعلانية