مساحة إعلانية
رغم التحليلات السطحية التي تُقدم، تظهر نوايا هيكلية في ممارسات النقاد، علي الرغم من رفضهم الاعتراف بها بشكل صريح. يُبرز نقد نواهونانيا الحاجة الملحة إلي نقد هيكلي متقدم ينعكس علي الشكل والمضمون في الأدب الأفريقي، وضرورة توفير الأدوات اللازمة للنقاد لتحقيق ذلك. أشارت نواهونانيا إلي أن الهيكلية ترتكز علي فكرة أن اللغة والأدب تُدرس كأنظمة تحتاج إلي تحليل بنيوي وشامل لفهمها، بما يشمل الدراسة التزامنية للغة بدلاً من التاريخية.
في حين أن الهيكلية تقدم أدوات قوية لتحليل الأدب، إلا أن الاعتماد الكامل عليها قد يؤدي إلي تجاهل السياق الثقافي والاجتماعي الذي يعتبر حيويًا لفهم الأدب الأفريقي. في ورقة بحثية قدمها “يوستاس بالمر” في جامعة سيراليون بعنوان نقد الأدب الأفريقي، يظهر الجدل بين النقاد حول ما إذا كان يجب تقييم الأدب الأفريقي باستخدام المعايير الأدبية الغربية أو صناعة معايير أفريقية خاصة تلائم طبيعته. علي سبيل المثال، يطرح بالمر رؤية “أبيولا إيريل”، الناقد والكاتب النيجيري، وتأكيده علي الحاجة إلي ربط الأعمال الأدبية بالمعاني المميزة للواقع الأفريقي والقيم الأفريقية حتي يمكن نقده بطريقة منصفة وفعالة.
يبرز أيضًا النقاش المستمر بين النقاد حول ما إذا كان يجب تقييم الأدب الأفريقي باستخدام المعايير الأدبية الغربية أو صناعة معايير أفريقية خاصة تلائم طبيعته، حيث يجادل نقاد مثل الدكتور لارسون بأن الروايات الأفريقية تختلف بشكل كبير عن نظيراتها الغربية، خاصة في تطوير الشخصيات والوصف. فهو يعتقد أن الروايات الأفريقية غالبًا ما تركز علي المواقف بدلاً من تطوير الشخصيات، وهو ما يتناقض مع تركيز الروايات الغربية علي التصوير النفسي للشخصيات. لكن يري آخرون أنه في ظل استمرار تطور الرواية الأفريقية نجد أن العديد من الروايات الأفريقية تقدم تحليلاً عميقًا للشخصيات ووصفًا مفصلاً يشبه نظيراتها الغربية.
يبدو أن الجدل القائم حول مرجعية الأدب الأفريقي لن يتوقف. عند مناقشة تطور الرواية الأفريقية، يقترح بعض النقاد أنها تطورت من النثر الأفريقي التقليدي والأدب الشفهي بدلاً من التأثيرات الغربية. لكن الدراسات الأكثر هيكلية تبرز هذا الانتقال الملحوظ من سرد الإثنوغرافيا في كتابة الرواية والقصة إلي الموضوعات الأكثر تنوعًا، مما يعد تحولًا وتطورًا كبيرًا في الأدب الأفريقي. وهكذا ينتهي بالمر إلي أنه يجب علي النقاد الموازنة بين الحفاظ علي المعايير الأدبية العالية وفهم السياق الفريد للأدب الأفريقي، وأن هناك حاجة إلي المرونة في النقد لاستيعاب النمو والتطور المستمرين للتعبير الأدبي الأفريقي.