مساحة إعلانية
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الوعي، وبات المجتمع المصري قادراً على التمييز بين الفن الراقي والفن الهابط، بين الإبداع الحقيقي والإفساد الممنهج. اليوم، نشهد خطوة جديدة في طريق تطهير الساحة الفنية من صناع العشوائيات ودراما البلطجة، أولئك الذين تعمدوا تشويه صورة المجتمع المصري، وتصدير نماذج منحرفة على أنها الواقع
لم يكن خبر اعتزال محمد سامي سوى شائعة، فالواقع أنه أُقيل، وخرج من المشهد الفني بعد سنوات من صناعة محتوى شوه الذوق العام، ودمر القيم الأصيلة التي نشأ عليها الشعب المصري. وهذا ليس مجرد حدث عابر، بل هو توجه واضح من الدولة لإعادة ضبط المشهد الفني، بحيث لا يكون هناك مكان لمن يعبث بعقول الأجيال القادمة، ويُفسد الذوق العام بمشاهد منافية للأخلاق والتقاليد المصرية الأصيلة
في الماضي، كانت هناك رقابة تليفزيونية صارمة على الأعمال الدرامية، بحيث لا يُسمح بدخول أي عمل لا يتوافق مع قيم وأخلاقيات المجتمع المصري. ولكن مع ظهور الفضائيات الخاصة، بدأت الرقابة تتراجع، وأصبحنا نرى محتوى يقتحم بيوتنا بلا استئذان، حاملاً معه لغة سوقية، ومشاهد عنف مبالغ فيها، وأفكاراً مسمومة تروج للجريمة والانحلال وكأنها واقع يجب تقبله
إننا أمام حرب فكرية ناعمة، تستهدف تغيير وعي الأجيال القادمة، وتحويل الرموز الإيجابية إلى شخصيات مملة، مقابل تسويق البلطجي والمحتال وتاجر المخدرات على أنهم "أبطال العصر"
مصر بلد الفن الراقي، بلد أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، بلد يوسف شاهين وشادي عبد السلام، بلد السينما النظيفة التي شكلت وجدان أجيال كاملة دون إسفاف أو ابتذال. فمنذ متى أصبح الفن وسيلة للهدم بدلاً من البناء؟ ومنذ متى أصبح "التشويه" يُباع على أنه إبداع؟
المشاهد المصري لم يعد مغيباً، فقد بات يدرك أن هناك محاولات متعمدة لتغييب الوعي وتشويه صورة المجتمع المصري، عبر مسلسلات لا تعبر عن الواقع، بل تفرض واقعاً منحرفاً علينا. والآن، بعد موجات الغضب الشعبي، وبعد أن بدأ صناع هذا الإسفاف يتساقطون واحداً تلو الآخر، نأمل أن يكون القادم أفضل، وأن تعود مصر إلى مكانتها الحقيقية كـ منارة للفن الراقي الهادف، لا بؤرة لإنتاج "دراما العشوائيات"
نريد فناً يعبر عن الأخلاق المصرية الأصيلة، نريد مسلسلات تُعيد للدراما هيبتها، نريد محتوى يليق ببلد الأزهر، لا محتوى يستنسخ ثقافة الغرب بحذافيرها دون مراعاة لهويتنا وتقاليدنا. إن ما حدث مؤخراً يؤكد أن الدولة باتت أكثر وعياً بخطورة ما يُعرض على الشاشات، وبدأت تتحرك لتصحيح المسار، وهذه خطوة يجب أن تُستكمل، حتى لا تتكرر نفس الأخطاء مستقبلاً
مصر ليست بلد العشوائيات، وليست بلد البلطجة، وليست بلد الانحراف. مصر بلد الحضارة والتاريخ، بلد الأخلاق والقيم، بلد الفن الهادف الذي يبني ولا يهدم. وكما أسقطت مصر عروش الفساد، ستُسقط عروش الفن الهابط، وستعود الشاشات نظيفة كما كانت يوماً ما
فإلى كل من ساهم في تدمير الذوق العام.. حان وقت الحساب !