مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

حكايات الواحات لمصطفي معاذ (100) الشاعر الصغير الذي كنته

2024-09-25 13:18:01 - 
حكايات الواحات لمصطفي معاذ (100) الشاعر الصغير الذي كنته
مصطفي معاذ - شاعر مصري
منبر

أكتب عما تعرفه جيدا وصية غالية جدا تعلمتها ولا يمكن أن أنسي تلك الدرر الفريدة التي كتبها مارسيل بانيول في مذكرات طفولة مجد ابي وقصر امي وزمن الأسرار وعصر الحب كما ينبغي على أن أذكر لورانس داريل في رباعيات الإسكندرية وأتصور أن الواحات كيان جمالي ممعن في الخصوصية والتنوع والجمال الإنساني الفريد الذي أحبه
خطوات معدودات من أمام مسجد معاذ مروراً ببيت الحلابين ثم الجرابنة وطاحونة برجاس ثم تتغلل في الوجدان نسائم الأمان حيث بيت عمي الحاج محمود معاذ رحمه الله تعالى عليه وبعده بيت أبناء عمنا الحاج معاذ اسماعيل معاذ نائب الوادي الجديد المعروف بشدة محبته لأهل بلاده وبعدها تسري رائحة أزهار الليمون والبرتقال واللارنج وتدخل رائحة الجوافة إلي القلب وهنا نصل إلى أعمق مناطق التأثير في الشاعر الصغير حيث ,(الجنينة الشرقية,,) أو جنينة ابويه كما كنا نطلق عليها صغارا والتي تسعد قلوبنا عندما تظهر الساقية القديمة وبير الجنينة وحجرة قديمة جدا فيها أداة حفر الأبار وكذا كان أبي يضع فيها الكسب والدريس للأبقار والخراف التي توجد في آخر الجنينة وبعد أن تمر على أشجار النخيل بأنواعه الصعيدي والفالق والحجازي وكذا أشجار الفاكهة من الجوافة واليوسف والبرتقال واللارنج والليمون لحظات نادرة من السعادة الحقيقية نقضيها كل يوم من أجل تقديم الإفطار والغداء والعشاء وتغيير المياة من الحوض الذي يجاور الساقية القديمة كان أبي سعيدا جدا بما يفعل وتزداد سعادته عندما يرانا نتعلم منه كل شيء وقت أن يأتي الليل يحضر صديق لأبي إسمه الحاج عيد فوليه يحلب البقرة وكنت كلما فعل ذلك خلته بطلا اسطوريا لا يخاف من الأبقار ويعطي في النهاية إلى أبي اللبن وفي أيام محفورة في ذاكرة الروح وعندما كانت البقرة تلد صغيرها نبدأ رحلة اللبن السرسوب كنت اتعلم مع إخوتي بسرعة فائقة كيف نضع الكسب على التبن وكيف نطلق المياة لري الحديقة التي كنت اعشق كل شبر فيها فهي بالنسبة لصغير دون السادسة المكان المناسب جدا لرؤية الزهور الواحية الصغيرة كالقرطقم والرجلة وازهار السيسبان وجمال زهرة الملوخية الصفراء الجميلة أتأمل النخيل شامخا واتعلم الصبر من المزارعين الذين كانوا يقومون بتلقيحه ودلاوته وأحضر يوم الظماط المشهود بحلفه واربطته الدقيقة والتي تسمي الأصرفةوارقب عمي جيد رحمه الله تعالى عليه وعمي محمود محمد حسن وهم يعلمون بجد وهمة وعزيمة من أجل أن يتحول الحلف إلي سدة أو غطاء للبلح الذاكرة كالبئر تحتفظ بكل ما ألقي فيها اولأ كنت اشرد كثيرا كثيرا ولااأعودالي على نداء أبي يا مصطفى فأهرول مسرعا تاركا شرودي الذي عرفت فيما بعد أنه محض تأمل للجمال الإلهي في بكارته الأولي ولا يمكن أن تكون جنينة ابويه سوي مكان مصغر للواحة في نهاية اليوم أودع الأبقار والخراف وأسلم في محبة على أصدقاء جدد في حياتي إلا أنهم من غير بني الإنسان ولا تزال هناك من الذكريات الجميلة التي تنضح بالسعادة تحتل مكانة كبيرة في قلبي حيث رفقة الأب المعلم وصحبة الأخوة الكرام والقرب من أهل بلادي من المزارعين بحكاياتهم البديعة ولهجتهم التي تنضح بالأصالة والتعلم من مدرسة الأبوة قيمة كبيرة جدا إسمها العمل المتواصل بمعنى أن يكون هناك حتمية لإستمرار الذهاب اليومي إلي الجنينة من أجل ا تقديم الإفطار والغداء والعشاء وتغيير المياة لابقار وكذا أن نسقي أشجار الجنينة من ماء الساقية القديمة الذكريات الجميلة هي صاحبة السلطة الأولي في أن تصبح الحياة أكثر براحا وجمالا والصداقة بين الشاعر والكائنات والأشجار لها بوح صامت له ضجيج في كل ليلة يحكي قصة حب طويلة ملؤها التأمل والتفكير بين الشاعر والعالم الصغير الذي أحبه ولا يعرف غيره ولا يريد أن يبرحه قيد أنملة

مساحة إعلانية