مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

حاول تفهم :من المستفيد من تجارة التسول؟

2023-09-27 18:46:01 - 
حاول تفهم :من المستفيد من تجارة التسول؟
ياسر القاضي
منبر

ياسر القاضي

نحن لا نمنع الخير أو نقفل أبوابه ، ولكن حينما يذهب الخير إلي غير أصحابه يجب أن ننبه أصحاب الخير إلي أمر بات من المسلمات في عصرنا هذا ، إن مسألة التسول أصبحت مهنة من  لا مهنة له ، أصبحت تجارة رابحة تحقق مكاسب سريعة بدون وصب أو تعب ، أبدع أربابها في فنونها وتطوير أشكالها ، واتخذ أصحابها من الفنون والمآسي ما يجلب استعطاف أصحاب القلوب الرحيمة ، وبات كل ذي إعاقة يجد ملجئ وحصنا حصينا في استدعاء الأموال  من جيوب وقلوب أهل الخير ، بل تعد الأمر إلي ما هو أخطر من ذلك بصناعة الإعاقات الوهمية أو تأجير الأطفال ليكونوا أكثر تأثيرا علي استعطاف أهل الخير ، حركات تسولية باتت تفرض نفسها علي كافة أنواع القطارات وعجبا حينما نري هؤلاء  يخصص كل واحد منهم له قطارا بعينه لا يتجاوزه أحد من أقرانه من أصحاب المهنة ، وكأن الأمر يدار تحت شركات احترافية لتوظيف أهل التسول وتحديد مساراتهم ، وبحكم الطبيعة التي جعلتنا في سفر دائم شاهدنا هؤلاء مشاهدة العين حتي أقررنا وبات لدينا من اليقين بأن هؤلاء يدارون بشبكات احترافية تطور من 
آدائها وفقا لمتطلبات الموقع و الزمان والمكان ، نغض الطرف عنهم وهم هائمون في وسائل المواصلات ولا غضاضة في فرض سيطرتهم وكأنهم أصحاب حصانة تمنحهم القوة ، صمت غريب من السادة المسؤولين بالقطارات ، ردف هذا الصمت شكوكا  لا نجد منها بدأ ، ناهيك عن هذا الأمر في كل الدروب والشوارع وأصبحت مناطق بعينها تحجز -  أو قل تؤجر خفية لفرض تجارة التسول - إنني أكتب عن هذا الموضوع ليس حرصاً منا علي تتبع الأمر واقتفاء أثره بقدر ما كانت المصادفة البحته التي كشفت لنا عن حقيقة بعض هؤلاء  المتسولين ، فرأينا عجبا ، أدوار تمثيلية تفوق قدرات خريجي معاهد السينما الذين تعلموا علي يد يوسف شاهين ، والصدفة هي التي  جعلتني أشاهد هؤلاء في كل مواطن السفر بطبيعة عملي ، إن هؤلاء حرموا اصحاب الفاقة والحاجة من وصول بد العون إليهم لأنهم يعملون بقول المولي عز وجل: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ، وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة : 273] نعم لا يسألون الناس إلحافا فأخذ هؤلاء المتنطعين حقهم في البحث عنهم ومساعدتهم ، إن أسوأ ما تلاقيه في هذا الأمر هو التجارة لهؤلاء الأطفال في عمل جرمته قوانين العدالة في كل مكان وزمان ، ولتنظر إلي حال هؤلاء الأطفال بعدما اكتست وجوههم بملامح التسول وتربوا علي موائده ! إن الأمر جد خطير وغض الطرف عنه سيجعل من المجتمع سوقا رحبة لسن قوانين عرفية تحكم تجارة هؤلاء، وحينئذ لن يتمكن المجتمع بأثره في فض نوازع هؤلاء أو قيد أحلامهم وطموحاتهم في عمل نقابات تقنن أوضاعهم، من يحمي هؤلاء الأطفال من تلك التجارة المهينة؟ من يقف بالمرصاد لمحاربة هذا النوع من التطرف المجتمعي الذي يأد كل يوم أرواح طفولة بريئة ولدت لتحيا حياة كريمة، إن المجتمع قادر علي حماية هؤلاء الأطفال ورعايتهم لو أخذ الأمر مأخذ الجد ولو تضافرت وتوحدت الجهود.

hyasser10@yahoo.com

مساحة إعلانية