مساحة إعلانية
أشاد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلي للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية بهذا الاختيار لما تتمتع به محافظة المنيا من مقومات ثقافية متفرّدة عبر العصور التاريخية وحتي العصر الحديث والمعاصر، وأن اسم المنيا جاء من الكلمة الهيروغليفية (منعت خوفو) الذي ورد في نقوش مقابر بني حسن وهو اسم مرضعة الملك خوفو ثم تطور هذا الاسم إلي (مونى) في القبطية وتعني المنزل ومنه جاء الاسم الحالي (المنيا).
آثار مصرية قديمة
ويوضح الدكتور ريحان أن المنيا تضم تل العمارنة وهي المنطقة التي اختارها أخناتون وزوجته نفرتيتي لإقامة عاصمة مملكته (أخت آتون) من أجل عبادة الإله الواحـد (آتون) الذي رمز إليه بقرص الشمس تخرج منه أشعة تنتهي بأيد بشرية لتهب الحياة للكون وتضم المعبد الآتوني الكبير والذي شيده أخناتون للإله آتون وهو المعبد الرئيسي بالمدينة وكان أكبرها طوله 1كم وعرضه 250م، علاوة علي 26 مقبرة منحونة في الصخر لم يدفن فيها سوي الأميرة ماكت آتون ابنة الملك أخناتون والتي توفيت أثناء فترة حكمه أما باقي المقابر فخصصت لأفراد الطبقة الحاكمة والنبلاء في عهد الملك أخناتون.
والأشمونين وكانت عاصمة للإقليم الحادي عشر من أقاليم مصر وبها آثار مصرية قديمة ويونانية ورومانية ومسيحية وإسلامية أهمــها تماثيل للإله تحوت وبقايا السوق اليوناني وبقايا كنيسة علي الطراز البازيلكى، وقد لعبت دورًا كبيرًا في حرب التحرير ضد الهكسوس بمعرفة رئيس المدينة «بعنخى».
وتعد مقابر بني حسن وبها 39 مقبرة منحوتة في الصخر لأ شراف وحكام مدينة « حبنو « من الدولة الوسطي أهمها مقبرة أمنمحات (أمينى) ومقبرة (خنوم حتب) ومقبرة (باكت) ومقبرة (خيتى) رسمت علي جدرانها مناظر تمثل مختلف أنواع الرياضة وتعد سجلاً كاملاً للحياة اليومية في عصر الدولة الوسطى، كما تضم آثار بناها الإمبراطور هادريان عام 120 ق.م تخليدًا لصديقه الحميم أنتينيو الذي مات غرقًا في النيل وسُميت بمدينة أنتينيوبوليس.
آثار مسيحية
وينوه الدكتور ريحان إلي وجود أهم محطة في مسار العائلة المقدسة بمركز سمالوط بالمنيا وهي جبل الطير الذي سمي بهذا الاسم نسبة إلي طيور البوقيرس المهاجرة التي كانت تأتي سنويًا وتستقر علي سفح الجبل وتنقر بمنقارها في صدع الجبل، وسمي أيضا الدير بالبكارة ويطلق أحيانًا علي المنطقة دير الكف أو جبل الكف أو كنيسة الكف تكريمًا لكف المسيح التي طبعت علي الصخرة، ويوجد الكثير من القصص والمعجزات الخاصة بالرحلة، ويزور جبل الطير 3 ملايين زائر من المسلمين والمسيحيين في الاحتفال بالذكري السنوية التي تستمر لمدة 10 أيام في شهر مايو للتبرك به، كما تضم المنيا دير البرشا وبه كنيسة الأنبا بيشوي من القرن الرابع الميلادي ودير أبو فانا ويضم كنيسة من القرن السادس الميلادي ودير أبوحنس ودير القديس أباهور.
الآثار الإسلامية
أشار الدكتور ريحان بأن المنيا تشرف ببقيع مصر بمدينة البهنسا مدينة الشهداء وبها أربعون من الصحابة وكانت إحدي المدن التي تأتي منها كسوة الكعبة، وتضم مسجد الحسن بن صالح بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب وهو المسجد الوحيد في مصر الذي له قبلتان وضريح سيدي فتح الباب أحد أبطال الفتح الإسلامي ومسجد سيدي علي الجمام قاضي قضاة البهنسا وإمام المالكية في عصره بالإضافة إلي مجموعة من القباب مثل قبة أبوسمرة وقبة الأمير زياد الفضل بن الحارث بن عبد المطلب بن عم رسول الله « صلي الله عليه وسلم « مزار السبع بنات، كما تضم المنيا مساجد أثرية عديدة منها مسجد اللمطي ومسجد العمراوي (الوداع) ومسجد الفولي ومسجد القاياتي.
منزل ماريا القبطية
أردف الدكتور ريحان بأن المنيا تضم قرية الشيخ عبادة مسقط رأس السيدة مارية القبطية زوجة الرسول صلي الله عليه وسلم والتي أهداها المقوقس حاكم مصر إلي الرسول صلي الله عليه وسلم وكذلك 20 ثوبًا من المنسوجات التي اشتهر بصناعتها إقليم المنيا وهي الثياب المعروفة باسم « القباطي « وهي مصنوعة من الكتان الأبيض به زخارف وقد امتدحها النبي صلي الله عليه وسلم إعجابًا وتقديرًا وكفّن في بعضها، وتنسب القرية إلي عبادة بن الصامت الصحابي الجليل، وعقب وصول عمرو بن العاص رضي الله عنه إلي مصر وفتحها كان ضمن الجيش وبعد موقعة البهنسا انطلقت الجيوش بقيادة عبادة للصعيد من أجل إكمال الفتح الإسلامي حيث وصل إلي القرية وعلم من الأهالي أنها المنطقة التي جاءت منها زوجة الرسول مارية القبطية فقرر البقاء هناك وبني مسجدًا في المكان الذي كان يوجد به منزل أسرة مارية وكان هذا هو أول مسجد في ملوي وأعفي أهل البلد من الخراج وأكرمهم إكرامًا للسيدة مارية وهنا تغير اسم البلد ليصبح الشيخ عبادة.
طه حسين والحب المفقود
ويتابع الدكتور ريحان بأن المنيا هي التي كشفت عن سر اختفاء عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين لمدة ثلاثة أشهر في الشتاء من كل عام، واتضح أنه اختفاء اختياري باستراحته بتونة الجبل التابعة لمركز ملوي بمحافظة المنيا واشتق اسمها من الكلمة المصرية القديمة «تاحني» أي البحيرة إشارة إلي بحيرة كانت تتكون في المنطقة نتيجة لفيضان النيل وأضيفت إليها كلمة الجبل نظرًا لوقوعها في منطقة جبلية صحراوية.
وهذه الاستراحة كانت بجوار محبوبته إيزادورا وهي قصة حقيقية لفتاة كان عمرها 18 عام رائعة الجمال عاشت في مصر القديمة منذ القرن الثاني قبل الميلاد عشقت شابًا رفض أباها الزواج ثم وافق وحين ذهبت لرؤية المحبوب عبر ضفتي النيل اختل توازنها وغرقت وتم تحنيط جسدها ورثاها والدها بمرثية شعرية كتبت باليونانية وسجلت علي جدران المقبرة وبقيت المومياء شاهدة علي هذا الحب الذي سطر علي صفحات النهر الخالد وكانت مقبرتها بتونة الجبل مصدر إلهام لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.