مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

الشاعر والباحث/عبد الستار سليم يكتب صفي الدين الجلي والمُوالِيَا

2024-05-13 01:30:05 - 
الشاعر والباحث/عبد الستار سليم يكتب صفي الدين الجلي والمُوالِيَا
الشاعر عبد الستار سليم
منبر

ولد الشاعر صفيّ الدين الحِلّي في النصف الثاني من القرن السابع الهجري وذلك في " الحِلة " من مدن العراق الأوسط، و كتابه الذي أسماه " المرخص الغالي والعاطل الحالي " قد خصصه للشعر الملحون، مثل الزجل، والمواليا، والكان وكان، والقوما، وهو أهم كتاب قديم تعرض لهذه الفنون، لأنه جمع قواعدها وكثيرا من نصوصها كما تقول مقدمة طبعة الهيئة العامة للكتاب لهذا المؤلف الذي لم يقتصر علي قطر عربي، بل أتي بنصوص من مصر والعراق والشام والأندلس..
ومن الطبيعي أن يخلو هذا الكتاب والكتب المماثلة من الإشارة إلي بعض الألوان الشعرية، مثل الشعر "الحلمنتيشي " وفن "الواو " وفن "العدودة " وفن " النميم " وألوان أخري كثيرة سوف نعرض لها من خلال هذه السلسلة من المقالات التي أتمني أن أوفّيها حقها، من خلال تبسيطها وتسليط الضوء عليها، إذ أن هناك شريحة كبيرة من محبي الشعر لمّا تتمكن من الوقوف علي ماهية هذه الفنون بعد..وتجب الإشارة إلي أن الشكل البنائي للشعر الملحون أو اللهجي نسبة إلي اللهجة الدارجة تنوّع بتنوّع البلدان والألسنة التي تتحدث باللهجات العربية المتباينة، فهناك في صعيد مصر ظهر فن "الواو" ونقصد جنوب الصعيد وعلي الأخص منطقة قنا ، وفن النميم في مناطق العبابدة والبشارية بأسوان والبحر الأحمر، وفن العدّودة -كفنّ نسائي  صعيدى ، أى لا تقوله إلا النسوة -  فإذا اتجهنا جنوبا، نجد فنونا أخري  كالحـاردِلّو ، والدوبيت السوداني ، والجنزير . .  أما في شبه الجزيرة العربية فهناك الشعر النّبَطي- نسبة إلي الأنباط، والأنباط هم عرب يتكلمون العربية ويكتبون الآرامية- كما يقول د. رضامحسن محمود في كتابه "المواليا " - وكل هذه الفنون القولية راجت وانتشرت وأحبها الناس، وقد قيّض لها الله حفَظة يحفظونها في صدورهم، لعدم وجود وسيلة تدوين أخري قديما، ثم نصل إلي فن الموشّـح، و الموشّـحات دخلت مؤخرا  ضمن  الفنون القولية الملحونة، بعد أن كانت في البداية مُعربة ( فى الأندلس كانوا  يسمّون الشعر المُعرب  موشّحاً ، والشعر الملحون زجلًا ) .. !
وعلينا أن نتعرف علي كل فن من هذه الفنون الشعرية التراثية البديعة، فضلا عن ضرورة الاهتمام بها ، و ذلك لجمالها من جهة، ومن جهة أخري لأنها تشكل مرجعية أساسية للهوية العربية المستهدفة من رياح العوْلمة العاتية...!!!
ولنبدأ بالشعر(الذي يسمونه أحيانا بالشعر القريض)، وهو ذلك الفن الذي قيل إنه تطور عن الأمثال والحِكم التي تداولتها الناس إبّان حياتهم المعيشة، ومن خلال المواقف التي يتعرضون لها، وتطور شكل المثَل إلي بيت شعري مُموسق، ثم بدأت تظهر الأراجيز ، ثم القصيدة الشعرية، وحين قال عنترة
هل غادر الشعراء من  مُـتردّم
أم هل عرفت الدار بعد توهّم
ومن معاني " المتردّم " هو الثوب المرقّع أو المستصلح ، حسب ما جاء في المعجم الوسيط ، فمن المحتمل أن عنترة كان يقصد تلك الأمثال ، التي كانت تمثل نُتفاً من شطرات البيت الشعري.. أما الشكل النهائي للقصيدة الشعرية ، فكانت تبدأ ببيت مُصرّع - أي أن نهاية الشطر الأول تماثل نهاية الشطر الثاني- كتقفية ، وفي باقي القصيدة، تكون الأشطر الأولي حرة، والأشطر الثانية يكون لها نفس قافية البيت الأول، فإذا كانت هذه النهاية حرف "اللام " مثلا، كمعلّقة امرئ القيس  التى يقول مطلعها 

( قِـفَا  نَـبْـكِ  مِن  ذكرَى  حــبيبٍ  و  منزلِ 

بِسِــقْط اللــوَ ى  بعد الدخول  فَـحَـوْ مَـلِ  )

فيسمّون القصيدة لامية، وإذا انتهت بحرف الدال، فيسمونها دالية، وهكذا ، وكان هذا هو السائد، وقد تكون القصيدة غير مصرّعة، وكذلك هناك نوع من القصائد يسمي بالمزدوج، وفيه يتم تصريع كل بيت في القصيدة علي حدة كألفية ابن مالك و"ذات الأمثال " لأبي العتاهية، وبظهور المقطّعات، ظهرت الثلاثيات والرباعيات والخماسيات التي تتّخذ تقفية بأشكال مختلفة، كما حدث في المسمطات والموشح، فعلي سبيل المثال في موشحة ابن زهر الحفيد مطلعها يقول :

( أيّها الـساقي إليك الـمُـشْـتَـكَي

قد  دعَـوْنــاك وإن  لم  تسمَــعِ

ونديم هِـمْــت ُ في غُـرّ تـهِ

و بِشر ب الراح  من راحتهِ

كـــلّما استيقظ من سكرتهِ

جـذب الـــزّقّ إلــيه واشْـــتَـكَي

و سَــقاني أربَــعا  في أربــــــعِ  )

ثم جاءت حديثا قصيدة التفعيلة، فاستَغْنت عن القافية، ثم تلتها "قصيدة النثر "- إذا جاز التعبير- لتتخلي عن الوزن والقافية دفعة واحدة.

مساحة إعلانية