مساحة إعلانية
فى عصر تُحتّم تقاليده ألا يختلط الرجال والنساء ، علا صوت سيدة مصرية - تنتمى لصعيد
مصر ، ولعائلة سياسية ثرية - تعترض على العادات والتقاليد العتيقة ، و تؤسس للحركة النسائية المصرية ، وتقود مظاهرات النساء ضد المحتل الانجليزى ، وتنادى بحقوق المرأة المصرية وتغير واقعها ، وتمنحها الحق فى التعليم والعمل ، كما لم تفعل امرأة قبلها ، تلك هى المناضلة المصرية الشهيرة السيدة هدى شعراوى ،
واسمها بالكامل هو نور الهدى محمد سلطان الشعراوى (١٨٧٩- ١٩٤٧م )
(وكما كانت هدى شعراوى من بنات الصعيد ، فمن عجيب المصادفات أن يكون أيضا قاسم أمين المولود فى ١٨٦٣م ، من أم صعيدية ..! ( وهو صاحب كتاب " تحرير المرأة" - الذى قدّمه للساحة - بدعم من الإمام محمد عبده الذى كان قد التقاه فى فرنسا - و قدم فيه أفكارا مثيرة للجدل بالنسبة لحرية المرأة المصرية )
هدى شعراوى ، قومية و ناشطة نسوية مصرية فى مجال حقوق المرأة ، و من أبرز النساء المشاركات فى الحياة العامة والنضال السياسى ( من الخطأ أن البعض يختزل هدى شعراوى فى مجال تحرير المرأة فقط ، ويغفل جانبها القومى والسياسى )، وأول من أسست جمعية لرعاية الاطفال عام ١٩٠٧، وأول من نادت بتحرير الست المصرية ، وكان لها مشاركة مهمة جدا فى ثورة ١٩١٩، وبذلت جهودا لإقناع الجامعة المصرية -الوليدة - بتخصيص قاعة لمحاضرات السيدات ، وافتتحت مدرسة للفتيات ، وقادت أول مظاهرة للسيدات ضد الانجليز ، فى الأيام الأولى للثورة ، و هى مؤسسة الاتحاد النسائى المصرى ، وكانت أول رئيسة لهذا الاتحاد ، وأنشأت " دار التعاون الإصلاحى " كمدرسة مستقلة لتعليم النساء ، وساهمت فى إنشاء "مبرّة محمد على " لمساعدة الأطفال المرضى ، وأصدرت مجلة " المصرية "سنة ١٩٢٥م باللغتين الفرنسية والعربية ، كما ألفت كتاب " عصر الحريم " . . كذلك ساعدت الاقتصادى الكبير " طلعت حرب " فى جمع رأس المال لإنشاء " بنك مصر" عام ١٩٣٠ , وأول من خلعت الحجاب مع صديقتها زينب محمد مراد الملقبة بـ " سيزا نبراوى " عام ١٩٢٣م ، فى ميدان عام ( ويقال إن ميدان الإسماعيلية بالقاهرة سُمّى " ميدان التحرير " بعد هذه الواقعة ) ، بعد عودتهما من الغرب -إثر حضور مؤتمر الاتحاد النسائى الدولى الذى عُقد فى روما ١٩٢٣م ، حيث قابلت هناك السنيور موسيلينى -
وكان ذلك بمثابة ثورة على الحجاب ، وعلى الأعراف والتقاليد الموروثة فى المجتمع المصرى ( والحجاب هنا بمعنى " البُرقُع " و " الملاءة " والذى كان يسمى بـ" النقاب" ، وبذلك فهى أول سيّدة مصرية نادت بتحرير المرأة
وبعد ترحيل سعد زغلول ونفْيُـه، انبرت هدى شعراوى فى العمل بجانب زوجها ، الذى عُيّن نائبا لرئيس الوفد ، فى الكفاح الوطنى من خلال حشد شبكة النساء ، والمساعدة فى تنظيم أكبر مظاهرة نسائية مناهضة لبريطانيا ، وكانت لاعبا مركزيا فى تنظيم مسيرة لنساء الطبقة العليا والطبقة المتوسطة ، ضد البريطانيين ، ومن ثم أصبحت رئيسة اللجنة المركزية ، بل وكانت أول مصرية طالبت بحق النساء فى المشاركة بالحياة السياسية ..!
و كان زوجها هو السياسى المصرى " على باشا شعراوى " - ابن عمتها - الذى كان أحد أعيان محافظة المنيا ، و الذى انتسبت لاسمه (تشبّها بالغرب )، عندما دخلت فى الأوساط السياسية ، والذى كان قد انخرط فى العمل السياسى فى سن مبكرة ( ساعده على ذلك خاله محمد سلطان باشا - والد هدى شعراوى - الذى كان رئيس المجلس النيابى الأول ، فى عهد الخديوى توفيق )
توفيت هدى شعراوى عام ١٩٤٧م ، بسكتة قلبية وهى فى فرا ش مرضها .. و هى تكتب بيانا تطالب فيه الدول العربية بأن تقف صفا واحدا فى قضية فلسطين
رحلت هدى شعراوى بعد رحلة طويلة ، جعلتها علامة فى تاريخ الحركة النسائية المصرية والعربية ، و مثالا يُحتذَى ، وظل تأثيرها قويا حتى بعد رحيلها . . !