مساحة إعلانية
هى فاطمة بنت الخطاب بن نُفَـيْـل بن عبد العُزَّى المخزومية القرشية ( رضى الله عنها وأرضاها ) من خير نساء العالمين ، ولدت فى مكة، ولقبُها أميْمة ، وكنيتُها أم جميل ، وهى أخت الفاروق عمر بن الخطاب، أمير المؤمنين (رضى الله عنه وأرضاه ) ، وزوجة سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَـيْل بن عبد العُزَّى -أحد العشرة المبشرين بالجنة -( رضى الله عنه وأرضاه ) وابن عم عمر، الذى كان متزوجا من عاتكة أخت سعيد بن زيد ..
هى بايعت النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فكانت من السابقات فى الإسلام هى وزوجها ، وكانت لديها شجاعة وصلاح دين ورجاحة عقل ، فإن شجاعتها وبسالتها قد جُبلت عليها ، فهى ربيبة بيت نُفَـيْل فى مكة ، الذى كان بيتا مخزوميا قرشيا ، فى الذروة من بطون قريش ، يمتاز بالشرف والرفعة، ويعتز بالحسب والنسب ، فكانت نشأتها على تلك الخلال ، ودرجت على تلك السبيل ، لذا فقد جابهت و صمدت ، فى وجه أصلب القرشيين عودا ، عمر بن الخطاب (قيل إن كل الناس كانت تخشى عمر ، إلّا فاطمة) ..!
أسلمت قديما أول الإسلام مع زوجها سعيد وذلك قبل إسلام أخيها عمر، وهى التى كانت سببا فى إسلامه ، حيث كان عمر فى - بداية الأمر - شديد العداوة للإسلام ..
خرج يوما من داره متوشّحا سيفه ، يريد شرّا بالنبى ( صلى الله عليه وسلم ) فقد كان يرى أن محمدًا فرّق بين الابن وأبيه ، وبين الأخ وأخيه ، وبين المرء وزوجه ، فلقيه رجل من المسلمين الذين يخفون إسلامهم ، فسأله أين تريد يا عمر ؟ فرد عليه قائلا : أريد محمدا، هذا الصابى الذى فرّق قريشا ، وسفّه أحلامها ، وعاب دينها ، وسب آلهتها، فأقتله ، قال له : والله لقد غرتك نفسك يا عمر، أترى بنى عبد مناف تاركيك تمشى على الأرض و قد قتلت محمدا؟ أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم ؟ فإن ابن عمك سعيد بن زيد بن عمرو ، وأختك فاطمة بنت الخطاب قد - والله- أسلما وتابعا محمدا على دينه، فعليك بهما.
فانطلق غاضبا إليهما ، ولما دخل إلى الدار سمع همهمة صوت غير مفهومة ، فقد كان الصحابى خبّاب بن الأرتّ عندهما يعلّمهما القرآن ، اختبأ "خبّاب "عندما سمع صوت عمر ، و فى ثورة غضب عمر، اعتدى على سعيد بالضرب، ثم ضرب فاطمة فشجّها ، وسال دمهما ، فقالت فاطمة بكل شجاعة إيمانية ، نعم نحن اتبعنا محمدا ودينه ، فاصنع ما بدالك ، ندم عمر على فعلته وقد شاهد الدم يسيل من وجه أخته فاطمة ، وكان يحبّها و يجلّها..
كان تصدّيها لعمر المتجبرالمتكبر، موقفا إيمانيا عظيما، وكان له الأثر الأكبر فى عمر ،إذ تطامن كبرياؤه وتلاشى جبروته ، وتبدّدت مقاومته شَعاعا، أمام صلابة إسلامها وإيمانها .. كذلك عندما طلب الاطلاع على الصحيفة ، قالت له فاطمة إنا نخشاك عليها، ولكنه أكّد لها أنه سيعيدها إليها ، قالت له بكل شجاعة ، لك ذلك بعد أن تغتسل ، لأنك ما زلت على الشرك ، وهذا لا يمسّه إلا المطهرون ( نذكر ذلك لفاطمة ولا ننساه ، وننزله من نفوسنا وأرواحنا منزل الإكبار والإجلال ، فقد حوّلت عمر من الشرك إلى الإسلام)، فأطاعها واغتسل وتناول الصحيفة، وقرأ فيها(( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، إلا تذكرة لمن يخشى، تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلا، الرحمن على العرش استوى، له ما فى السموات وما فى الأرض وما بينهما وما تحت الثرى )) فهزّته الآيات الكريمة ، وأخذ يردد " أهذا الذى تفرّ منه قريش ؟ ما أحسن هذا الكلام و أكرمه" ، ثم قال دلّونى على محمد ، فذهب إلى النبى وأسلم عنده ، فسُرّ المسلمون وهلّلوا وكبّروا ، لأن إسلام عمر كان فتحًا - كما وصفه الرسول (صلى الله عليه وسلم )- فبإسلام عمر انطلقت الدعوة من السرّيّة إلى العلنية، وعاد مهاجرو الحبشة- الذين فروا خوفا من بطش قريش -
وسجّل التاريخ لفاطمة بنت الخطاب (رضى الله عنها) سابقتها تلك فى أنصع صفحاته..
لقد أطلّت فاطمة على سجلّ الخالدات فى التاريخ من خلال إسلام أخيها عمر ، ويكفيها ذلك مجدا، وفخرا، ورفعة ، ثم عاشت فاطمة بقية حياتها فى ظل الإسلام، تنهل من نمير الإيمان الصافى، وترد أعذب ينابيعه ، وتوفت فى المدينة المنورة ..!