مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب: قاعدة شرعية وشرحها

2024-10-25 03:13:52 - 
الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب: قاعدة شرعية وشرحها
الشاعر الدكتور مصطفي رجب
منبر

( العادة مُحَكَّمة ) 
أ- القاعدة:
لغـة: المراد بالعادة : تكرار الشيء مرة بعد مرة.
واصطلاحاً: عبارة عما يستقر في النفوس من الأمور المتكررة المقبولة عند ذوي الطباع السليمة
ب- المحكّمة:
اصطلاحاً: القضاء والفصل بين الناس، أي أن العادة هي المرجع للفصل عند التنازع
* المعنى الإجمالي للقاعدة:
إن العادة عامة كانت أو خاصة يتم تحكيمها لإثبات حكم شرعي إذا لم يوجد نص يخالفها أصلاً، أو ورد ولكن  كان عاماً، فإن العادة تعتبر، وتثبت تلك الأحكام على وفق ما تقضي به العادة والعرف
أصل القاعدة شرعاً وأدلتها:
أولاً: أدلتها من القرآن الكريم قوله تعالى: خذ العفو وأمر بالعُرف وأعرض عن 
الجاهلين [الأعراف: 199].وقوله تعالى: ولهنَّ مثل الذي عليهن بالمعروف [البقرة: 228].
وأصل هذه القاعدة من السنة النبوية هو قوله : (ما رآه المسلمون حسناً فهو من عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحاً فهو من عند الله قبيح).
فهذا الحديث أصلٌ في القاعدة إذ يدل على أن العادة والعرف لهما تأثير في توجيه أحكام التصرفات.
أهمية القاعدة:
أهمية قاعدة العادة محكّمة : أنها تستجيب لحل كثير من المسائل والحوادث الجديدة، فالأحكام المبنية على الأعراف تتغير بتغير الأزمان، والعرف المعتبر هو العرف الذي لا يخالف قواعد الشرع ويتفق مع مقاصده العامة 
شروط اعتبار العادة (العرف):
1- أن تكون العادة مطردة أو غالبة.
2- أن يكون العرف المراد تحكيمه في التصرفات قائماً عند إنشائها.
3- أن لا يكون في العرف تعطيل لنص ثابت أو لأصل قطعي الشرعية.
4- أن لا يعارض العرف تصريح بخلافه.
5- أن تكون العادة سابقة أي غير طارئة.
أمثلة فقهية على القاعدة:
1- رجل يعمل نجاراً وجرت العادة أنه يأخذ عربوناً قبل العمل، وادعى أنه لم يأخذ عربوناً ممن يعمل له: عندها لا يصدق إلا بيمين لأنه العادة محكّمة غالباً.
2- ما ورد به الشرع مطلقاً في غير تقييد أو تحديد في اللغة وغيره عندها يرجع إلى تقدير العرف ويحكم به، مثال ذلك: إذا حلف شخص أن لا يأكل لحماً فأكل سمكاً أو دجاجاً فلا يحنث في يمينه، لأن اللحم في العرف لا يطلق على الدجاج ولا على السمك.
3- جواز التقاط الثمار التي يتسارع إليها الفساد من البساتين .
القواعد المتفرعة عنها:
1- قاعدة "استعمال الناس يجب العمل به ":
معنى هذه القاعدة: إن استعمال الناس غير المخالف للشرع يعد حجة كبيع السَّلَم مع أنها هذا البيع في الأصل غير جائز إلا أن الفقهاء اتفقوا على جوازه، لحاجة الناس الماسة.
مثال: إذا اتفق الناس على مقاول أو متعهد لبناء بيت بمخطط مرسوم بثمن مبين وشروط واضحة جازت المعاملة لتعامل الناس بذلك.
2- قاعدة الممتنع عادة كالممتنع حقيقة:
 معنى هذه القاعدة: أن ما استحال عادةً لا تسمع فيه الدعوى كالمستحيل حقيقة، فكما أن الممتنع حقيقة لا تسمع به الدعوى ولا تقام البينة عليه للتيقن بكذب مدعيه، فكذلك الممتنع عادة كدعوى معروف بالفقر على آخر أموالاً جسيمة لم يعهد عنه أنه أصاب مثلها بإرث أو بغيره. 
3- لا ينكر تغيير الأحكام بتغير الأزمان:
أي أن العرف يتغير بتغير الأزمان أي بتغير عرف أهلها وعادتهم، فإذا كان عرفهم يستدعي حكماً ثم تغير إلى عرف آخر فإن الحكم يتغير إلى ما يوافق ما انتقل إليه عرفهم وعادتهم.
مثال: أنه لما ندرت العدالة وعزّت في هذه الأزمان قالوا بقبول شهادة الأمثل فالأمثل والأقل فجوراً فالأقل.
4- إنما تعتبر العادة إذا اطردت أو غلبت:
أي أن العادة تعتبر إذا داوم العمل بها في جميع الأحوال وعندما يتم العمل بها في أكثر الحوادث عندها تصبح العادة حجة شرعية.
مثال: لو باع بعملات مختلفة متغيرة القيمة  وكانت مختلفة في السعر والرواج ينصرف البيع إلى أغلبها رواجاً. 
5- المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً:
أي ما عرف بين الناس واشتهر وجرى تعاملهم عليه، ولم يكن ثمة نص يعارضه يحكم العرف فيها ما لم يكن تصريح بخلافه أو شرط منصوص عليه، فإذا لم يكن قام العرف مقام التصريح وحلّ محل الشرط فكان كالتصريح 
والشرط.
ومثلها قاعدة "اليقين بالعرف كالتعيين بالنص" وقاعدة "الثابت بالعرف كالثابت بدليل شرعي".
مثال: إذا تعاقد مع عامل على أن يعمل عنده - أو له - عملاً ما، وقيدا هذا العقد بما جرى عليه العرف وعمل الناس فإنه يكون بمنزلة التقييد بالنص.
وسأكتفي بهذه القواعد فقط لأن القواعد المتدرجة تحت العادة محكّمة كثيرة لا يتسع لها المقام.
المضامين التربوية لهذه القاعدة:
1- إن الدين يراعي العرف وهذا إن دلَّ على شيء فهو يدل على مرونة الشريعة الإسلامية ومراعاتها لتغيرات الأزمان وحاجات الناس.
2- على المعلم أن يراعي الفروق العُرفية الفردية بين الطلاب، فيراعي تقاليد وعادات الطلاب فهي أحياناً تختلف من طالب لآخر وهذه المراعاة ينبني عليها أحكام المعلم على الطالب.
3- على المعلم أن يفهم العرف الجاري للمنطقة التي يدّرس بها، كي لا يصدر منه سلوك هو صحيح في عرفه لكنه مرفوض في عرف المنطقة التي يدرس بها.
4- أما التلميذ فيجب أن يراعي الأعراف الشائعة في أثناء تعامله مع زملائه كي لا يتعدى حقوق أصحابه من الطلاب وهو غير قاصد لذلك 
5- في المناهج: يجب أن تحتوي المناهج على أمثلة للأعراف الصحيحة وأن تستوعب المعايير السليمة لاعتبار العرف، فتعرف التلميذ أنه ليس كل عرف مقبولا بل هناك أعراف مرفوضة يرفضها الشرع والمجتمع.
6- على مدير المدرسة أن يكون على إحاطة تامة بالأعراف السائدة لكي تساعده في حل المشكلات التي تواجهه الطلاب، ولئلا يكون سبب المشكلة هو فهم خاطئ أو قبول خاطئ للأعراف.
7- أما بالنسبة لطرق التدريس فيحاول المعلم انتقاء الأساليب التي اعتادها الطلاب أو الأساليب التي يتجاوب وينسجم معها الطالب بحيث لا يستخدم أساليب فوق مقدرة استيعاب الطلاب فيكون الأسلوب مناسبا للمرحلة التعليمية.
8- أن يتقبل المدير آراء الطلاب والمعلمين التي تحبذ أو تقدم العرف وتجعله أولوية إن كان ذلك يريح هذه الشريحة ولا يخالف قانونا تربويا أو شرعيا ولا يضر بمصلحة المدرسة.
9- أن للمعلم وظيفتين رئيستين هما: نقل التراث الثقافي والعادات إلى الأجيال ثم ا تجديد هذا التراث وهذه العادات بما يتوافق مع مقتضيات العصر ومتطلباته.
10- أما فيما يختص بأساليب التأديب التربوي : فعلى المعلم مراعاة الأساليب المعتادة في التأديب مثل استخدام العصا أو التأنيب بالكلام مع ضابط وهو عدم التجاوز في الحد المشروع للتأديب إذ عندها يصبح انتقاماً لا تأديباً فلكل مجتمع أساليب معتادة تختلف عن المجتمعات الأخرى.
11- يجب أن تراعي الإدارة المدرسية قضية التواصل مع الأهالي والبيئة الخارجية للمدرسة، وبخاصة أن مهمة الإدارة المدرسية أصبحت تتمحور في إعادة التواصل بين المدرسة والبيئة الخارجية وهذا يتطلب معرفة العادات والعرف السائدة في البيئة الخارجية، ومن أجل تصحيح العادات السلبية الموجودة عند الأهالي لأن هذا من شأنه التأثير على عقلية الطفل ونموه السلوكي.
12- على أسرة المدرسة الاهتمام بنشر برامج توعية ونشرات وإعلانات تندد  بالأعراف السلبية السائدة في غالب المجتمعات الشرقية مثل الانتقام والتمييز بين الذكر والأنثى 
13- أن يحاول المعلم تغيير أساليب الطلاب السيئة المعتادة في الإجابة مثل عدم التنظيم والإجابة بسرعة دون التروي في قراءة السؤال مع مراعاته لتعليمهم الأساليب الحديثة مثل استخدام الكمبيوتر.
14- أن تسعى الإدارة المدرسية والمعلمون إلى غرس احترام الوقت في نفوس الطلاب من خلال احترام المعلم للحضور إلى غرفة الصف في الوقت المحدد وأن تقر الإدارة بوجود عقوبات صارمة لمن يخل بأوقات الدوام.
15- أن تكون المدرسة (بما تحويه من إدارة ومعلمين وعاملين) مثلاً يحتذي به في الحفاظ على النظافة لتصبح عادة عند الطلاب سواء داخل سور المدرسة أو خارجها.

مساحة إعلانية