مساحة إعلانية
-قانون الإيجار الجديد حظى بنصيب الأسد وقانون البكالوريا (اتظلم) وقانون العمل هو الأهم.
- نصوص القانون غاية في الإنصاف ولكن المخاوف تكمن في التطبيق.
- هل يتضرر أصحاب الأعمال من مادة التأمين من أول يوم والنتيجة تقليل حجم العمالة والتوسع في العمل الاليكتروني عن بعد.
-حقوق المرأة ومتحدى الإعاقة وصرف ٣ أضعاف الأجر الاصلى مع موافقة الموظف على العمل في الإجازات الرسمية وعلى مد ساعات العمل إلى ١٠ ساعات.
-انحياز لأول مرة للعاملين بعقود محددة المدة ومحاولات لمنع التنمر والتحرش مازالت تواجه تحديات الواقع.
-
شهدت الأسابيع القليلة الماضية وتحديداً فترة ما قبل انتهاء الفصل التشريعي لمجلس النواب إقرار قوانين شديدة الأهمية تمس كل بيت وكل عائلة مصرية بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن مفارقات الإعلام والسوشيال ميديا أنه تم تسليط الضوء على القانون الذي يمس شريحة أقل عدداً من القانونين الآخرين، حيث تؤكد الارقام أن عدد المتضررين من تطبيق قانون الايجار القديم الذين قد يضطرون إلى مغادرة مساكنهم بعد مرور ٧ سنوات يمثلون فقط ٧٪ من الأسر المصرية تسكن في ١.٨٨ مليون وحدة سكنية، فيما يؤكد ممثلو بحسب بيانات ووثائق برلمانية الملاك أنه من بينها نصف مليون شقة مغلقة للسفر أو لوجود مسكن آخر، وحتى الشقق التى مازال المستأجرون مقيمون فيها فغالبيتها لا يسكنها إلا شخص مسن بمفرده أو مع زوجته، أى أن عدد المتضررين من تطبيق هذا القانون لن يزيد عن ٣ مليون مواطن على أقصى تقدير، ومع ذلك استطاع أن يسرق الكاميرا الإعلامية من قانون آخر لا يقل أهمية وإن كان يمس شريحة عددية أقل هو قانون التعليم قبل الجامعي المعروف بنظام البكالوريا بالرغم من أن لدينا ٨٢٣ ألف طالب وطالبة يخوضون اختبارات الثانوية العامة يؤثرون بشكل مباشر على حياة أسرهم بالكامل بل ويلقى اسلوب تعليمهم بظلاله على سوق العمل ومستقبل الاقتصاد المصري.
وعلى ذكر سوق العمل لم يلتفت أحد للحديث عن قانون العمل الجديد ومناقشته بالرغم من أن أكثر ما ٧٥٪ من المصريين الذين يعولون أسر بأكملها يعملون في القطاع الخاص وهم مرشحون للزيادة مع تناقص أعداد الموظفين في الجهاز الإداري والجهات الحكومية، وتصاعد الاتجاه نحو إحلال القطاع الخاص محل الدولة في إدارة المشروعات وحتى الخدمات وطرح غالبية المصانع والشركات الحكومية للبيع ناهيك عن تشجيع الاستثمار وفتح المزيد من آفاق التشغيل للقطاع الخاص، وهو ما يعني أنه خلال أقل من سبع سنوات سوف تتزايد أعداد المهتمين بقانون العمل الجديد في مقابل تناقص أعداد المتضررين من قانون الإيجار القديم.
وبالرغم من ذلك لم يلتفت أحد إلى نصوص ومواد في قانون العمل تبدو رائعة طالما بقيت حبر على ورق ولكنها تواجه تحديات وصعوبات عند التطبيق على أرض الواقع، أبرزها مادة إلزام أصحاب العمل بالتأمين الاجتماعي على الموظف من أول يوم عمل وهو أمر يتنافى مع فكرة وضع الموظف تحت التمرين أو بالأدق قيد الاختبار لفترة معينة ليكون التأمين عليه بمثابة مكافأة له على إثبات جدارته، ولأن غالبية الخريجين من الجيل الجديد ( زيرو مسئولية) حسبما يطلقون على أنفسهم يتساءل لسان حال صاحب العمل متعجباً كيف أعين شاب أو فتاة وبعد أقل من شهر يذهب هو إلى مكان آخر أو تتخطب هى وتقرر تقعد في البيت؟!!
وفيما يتعلق بهى أو بنون النسوة يلزم القانون صاحب العمل بإجازة الوضع ١٢٠ يوم وفترتى رضاعة يومياً لمدة نصف ساعة لكل منهما وهو أمر مطبق بنجاح لموظفات الحكومة، لكن في غالبية الجهات الغير حكومية بدءاً من البائعة في محل دواجن وحتى الموظفة المرموقة في شركة استثمارية ضخمة لا تتغيب عند الوضع أكثر من أسبوعين ثم تعود إلى العمل حتى لا يأخد غيرها مكانها وغالباً ما يكون هذا المنافس هو رجل، ومن ثم يفضل أصحاب الأعمال تعيين شباب على حساب الفتيات رافعين شعار ( أول ما ييجى لها عدلها هتسيب الشغل أو تقول عايزة إجازة وضع ورعاية طفل).
وفي سياق متصل من المعروف أن النساء العاملات يواجهن تحرشات ومضايقات كما يواجه ذوى الاحتياجات الخاصة تنمر وسخافات حاول القانون الجديد التصدي لها مطالبا بأن تكون الإجازة السنوية للعاملين ١٥ يوماً فقط بينما لمتحدى الإعاقة والاقزام تكون ٤٥ يوماً، وهو أمر سينعكس عمليا على تهرب أصحاب الأعمال من تعيين هؤلاء، فيما نصت المادة ٩ من القانون على المساواة في الأجر وحظر أى شكل من أشكال التمييز مع إدراج تعريف واضح للتنمر والتحرش وعقوبات مستقلة لهما، ولكن مازال صاحب العمل غير ملزم بتعيين نسبة معينة من النساء أو حتى بأن يتساوى عدد العاملين الرجال في المنشأة مع عدد العاملات علما بأن أكثر من ثلث الأسر المصرية تعولها نساء منفردات وأكثر من ثلثها الثانى تساهم الزوجة باكثر من نصف دخل الأسرة.
وإذا كان القانون قد دافع عن حقوق العمالة المؤقتة ونص على أنه في العقود محددة المدة إذا تم الفصل دون سبب مشروع يحصل العامل على تعويض لا يقل عن شهرين راتب عن كل سنة خدمة كما استهل مادته الأولى بإلغاء استمارة ٦ وعدم جواز الفصل إلا بحكم قضائي من محكمة عمالية متخصصة ولكن تطبيق هذا الأمر سيؤدي إلى تقليص عدد العمالة مع احتمال عمل ما يمكن أن يسمى قائمة سوداء لكل موظف يلجأ للقضاء كى يحصل على حقوقه ليطلق عليه في سوق العمل الذي يعمل به أنه ( بتاع مشاكل) فلا يجد فرصة بديلة.
ويبدو القانون حقاني إلى درجة رومانسية حين شدد على أن عدد ساعات العمل اليومية ٨ ساعات فقط ولا يجوز مدها إلا لعشر ساعات في حالات الطوارئ وبموافقة العامل فقط، وهو ما سيفتح الباب أمام التوسع في العمل الاليكتروني عن بعد خاصةً وأن القانون اعترف بكافة هذه الاشكال الحديثة وأجاز العمل في الإجازات الرسمية بشرط موافقة الموظف مع حصوله على ٣ أضعاف الأجر الأساسي، وهى أمور تبدو رائعة كما أشرنا ولكن مازالت المخاوف تكمن في التطبيق على أرض الواقع.