مساحة إعلانية
في زمن تكررت فيه الوجوه وتكررت معه الوعود، يطلّ صوت جديد يحاول أن يقترب من الناس لا أن يتكلم فوق رؤوسهم.
في مساء يليق بالأمل، اجتمع أهالي قرية الخطارة الصغرى على كلمة واحدة: الإنصات لصوت جديد، ربما يحمل بين نبراته بداية عهد مختلف. لم يكن اللقاء مهرجاناً انتخابياً، ولم تتصدّره لافتات ولا هتافات، بل كان مجلساً بسيطاً، دافئاً، انعقد في منزل الحاج محمد دياب، بحضور جمع كريم من أبناء القرية.
جاء إبراهيم وحيد، المرشح المحتمل لعضوية مجلس النواب، والذي يُلقّبه البعض بـ"مرشح الشباب"، لا بلسان الخطب، بل بلغة الناس. في وقتٍ ملّ فيه الناس من الأصوات العالية والوجوه المتكررة.... جلس بين الجميع، يسمع أكثر مما يتكلم، يُنصت للوجع دون أن يُقدّم وعوداً، ويتأمل الملامح قبل أن ينظر في الأصوات.
لم يتحدث عن البرامج الجاهزة، ولا عن الشعارات المتكررة، بل طرح ما هو أصدق من ذلك: رغبة حقيقية في الإصغاء، واستعداد واضح لحمل المسؤولية إن أُوكلت إليه.
توسّم فيه الحضور خيراً؛ لا لأنه وعد بالكثير، بل لأنه بدا من أول لحظة كمن يدرك أن الطريق إلى البرلمان لا يُرصف بالكلام، بل بالثقة التي تُبنى، وبالعمل الذي يُرى.
كان اللقاء بمثابة اختبار صامت لصدق النوايا.
فهنا، في الخطارة الصغرى، لا يحتاج الناس إلى فصاحة الخُطَب، بقدر ما يحتاجون إلى من يفهم تفاصيل واقعهم اليومي، ويشعر بما يثقل كاهلهم من مشكلات الحياة، من طريق غير ممهد، وخدمة غائبة، واحتياجات أساسية لم تكتمل بعد.
في هذا البيت الطيب، ووسط هذا الجمع الأصيل، لم يُقدَّم إبراهيم وحيد كمرشح فقط، بل كإحتمال... احتمال لميلاد تجربة تمثيلية جديدة، قوامها الصدق، وهدفها خدمة الناس لا استغلالهم.
ولأننا نؤمن أن الانتخابات ليست لحظة تنافس، بل لحظة وعي، فإن هذا اللقاء قد يكون أول خيط في نسيج علاقة قائمة على الاحترام المتبادل، بين من يطلب التفويض، ومن يملك الحق في منحه أو حجبه.
تبقى الكلمة الأخيرة دائمًا للناس
والناس، حين يصدقون، لا يُخطئون… فقد شبعوا وعوداً لا تُطعم، وشعارات لا تُغيّر واقعاً. لم يعودوا أسرى الكلام المعسول ولا الزيارات الموسمية. هذه المرة، قد يمنحون ثقتهم لمن يستحقها … لا لمن اعتاد أن يأخذ ولا يُعطي.فقد انتهى زمن التصفيق المجاني، وبدأ زمن الحساب على المكشوف.