مساحة إعلانية
هو أبو محمد القاسم الحريرى البصرى المعروف بالحريرى المولود فى عام 1054 م بـ "المشان" ( وهى من ضواحى مدينة البصرة ) وسكن فى محلة "بنى حرام" ( وهى قبيلة عربية كانت تسكن البصرة ) وتأدّب بها ، ثم درس الفقه على على أبى إسحاق الشيرازى ، كما سمع الحديث من عدد غير قليل من الحفّاظ والمحدّثين، وكان الحريرى من ذوى الغِنَى و اليسار ، إلى جانب علمه الواسع وتمكنه من فنون العربية، وكان الحريرى مفرطا فى الذكاء ، آيةً فى الحفظ وسرعة البديهة ، غايةً فى الفطنة والفهم ، لذا فقد عُيّن فى ديوان الخلافة فى منصب " صاحب الخبر " ( وهى وظيفة تشبه هيئة الاستعلامات فى عصرنا ) وظل بها إلى أن توفى فى عام 1122ميلادية
وهو أديب من أدباء البصرة ، من أكبر أدباء العرب ، وهوصاحب المقامات التى لم يبلغ كتاب من كتب الأدب فى العربية ما بلغته مقامات الحريرى ، من بُعد الصيت ، واستطارة الشهرة ، حيث لم يكد الحريرى ينتهى من إنشائها، حتى أقبل "الورّاقون " على كتابتها (الورّاقون اسم كان يُطلق - فى بغداد فى ذاك الزمان - على أصحاب المكتبات ، وهم بائعو المخطوطات ، أى الكتب المكتوبة بخط اليد ، إذ لم تكن هناك مطابع لطباعة الكتب ) وتسابق العلماء على قراءتها عليه ، وذكروا أنه وقّع بخطّه فى عدة شهور على سبعمائة نسخة (ما يماثل حفلات التوقيع فى زمننا هذا )، وبلغ من شهرتها فى حياة الحريرى ، أن أقبل من الأندلس فريق من علمائها، لقراءة المقامات عليه، ثم عادوا إلى بلادهم ، حيث تلقاها عنهم العلماء والأدباء ، وتناولوها روايةً وحفظا ومدارسةً وشرحا
أما ماهيّة المقامات ، فهى فن من فنون الكتابة العربية، ابتكره " بديع الزمان الهمذانى" (بديع الزمان هو أبو الفضل أحمد بن الحسين الهمذانى التغلبى ، وهوكاتب وأديب من أسرة عربية ذات مكانة علمية مرموقة، عاش فى الفترة ما بين (969م-1007م) )
وهى نوع من القصص القصيرة ، تحفل بالحركة التمثيلية ، ويدور الحوار فيها بين شخصين، ويلتزم مؤلفها بالصنعة الأدبية ، التى تعتمد على السجع والبديع ..
ويحكى الحريرى عن سبب إنشائه المقامات - التى بدأ كتابتها فى سنة 1101م - فيقول :" إن أبا زيد السروجى - نسبة إلى بلده "سروج" - كان من أهل البصرة وكا شيخا شحاذا أديبا بليغا فصيحا .. ورد البصرة فوقف فى مسجد بنى حرام فسلّم ثم سأل -وكان المسجد غاصّا بالفُضلاء-فأعجبتهم فصاحته وحسن كلامه ،
قأنشأت المقامة الحرامية ( نسبة إلى قبيلة بنى حرام ) ثم بنيت عليها سائر المقامات التى تبلغ خمسين مقامة
وقد نسب الحريرى رواية هذه المقامات إلى الحارث بن همام ، فهو الذى يروى أخبارها ( ويقول ابن خلكان : إنه قصد بهذا الاسم نفسه ) أما بطل هذه المقامات فهو أبو زيد السروجى ( قيل إن الحريرى استوحاه من من صورة الشحاذ الذى لقيه فى مسجد بنى حرام ..
والأقرب إلى الصواب أن أبا زيد السروجى شخصية نسجها الحريرى ، ليحوك من حولها حِيَل أديب متسوّل
(مثلما اتخذ بديع الزمان -الذى هو أول من ابتدع فن المقامة - من أبى الفتح الإسكندرى بطلا لمقاماته )..!!