مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عابد الشريف
في ملجأ عَفِن للأيتام, حيث نتناول لمرة واحدة في اليوم الحساء المُعَد من مياه الخزانات الراكدة والتوابل, ثم نضع فيه قطعة من الخبز المتصلب التي تشبه قالب الطوب الإسمنتي في كل شيء, يكون هذا قبل أن تغُط الشمس في النوم ببضعة ساعات. قبل النوم نصلي من أجل آباءنا الذين قضوا نحبهم مؤخرًا بسبب الحرب, وأمهاتنا اللاتي غَرَزت الحرب فيهن مخلبي اليأس والحزن حتى أقدمن على الانتحار, مخلِّفين وراءهم أطفالًا ارتسم على وجوههم ظِل مشانق أمهاتهم. لكَم أشتاق لوالدي شوقًا ينضح من عينيَّ كل ليلة مع دموعٍ محملةٍ بذكريات لن تُكرر نفسها سوى في رأسي الصغير. ولكن اليوم وزعوا علينا المثلجات احتفالًا بانتهاء الحرب التي خسرناها, ولكن على الأٌقل انتهى الكابوس الذي دام لستة سنوات, وبينما تعانق السماء الألعاب النارية التي آمن الصينيون أنّ بإمكانها أن تجلب الحظ والسعادة, وجدنا إحداها تسقط, فاستيقظتْ حينها الشمس من جديد على صوت ارتطام, تلاه موجة حارة أذابت المثلجات من أيدينا ثم أيدينا ثم جلودنا.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
