مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عماد عارف الشيمي
- يا استاذ من اين تولد الشمس فى وطننا فلسطين ؟! صنع المدرس ابتسامة حزينة على شفتيه وهو يتأهب للإجابة على سؤال التلميذ " باسم " .. الذى لم يبلغ السابعة من العمر. - الشمس تولد من الشرق فى فلسطين وفى كل انحاء الارض يا باسم . اخذ " باسم " يداعب شعر راسه فى نشوة وهو يقول لمدرسه : - لكن أمى قالت لى ذات يوم .. ان لوطننا فلسطين شمس اخرى تولد من الجنوب ! حملق المدرس فى عينى تلميذه الصغير .. بدت على وجهه علامات التعجب .. ولكنها سرعان ما تلاشت .. عندما جاء يرد عليه : - هذا صحيح يا باسم .. لوطننا شمس اخرى تولد من الجنوب .. فبجانب الشمس التى تولد من الشرق .. بعث الله لنا شمسا تولد من الجنوب .. ليمنحنا الامل فى الحرية. - ما معنى كلمة حرية ؟! - حمامة ترفرف فى السماء دون ان تخاف من الصياد. - ابى استشهد وانا صغير .. وأخى استشهد الاسبوع الماضى .. هل كلنا سنموت برصاص اليهود ؟! دنا المدرس من تلميذه الصغير .. ضمه الى صدره بشده .. وهو يبكى فى صمت . فى المساء دلف " باسم " الى حجرة نومه .. راح يفتح نافذة الحجرة على مصراعيها .. ثم مرق الى امه التى كانت بالخارج تجمع الحجارة .. وقال لها : - أمى .. ساظل مستيقظا هذه الليلة ولن انام .. حتى ارى شمس الجنوب وهى تولد مع شمس الشرق .. - شمس الجنوب لا احد يراها وهى تولد يا باسم. - لماذا يا امى ؟ - لانها شمس لم تخلق للبشرية كلها .. بل خلقها الله لنا فقط .. من اجل ان نصبر ونكافح .. ومن اجل ليلنا الطويل يا ولدى ! - اذا لن أرى الشمس وهى تولد من الشرق .. نظرت الأم الى طفلها الصغير .. وقالت : - شمس الشرق شمس حرية .. ونحن بلا حرية ! - وكيف نكون حماما يرفرف فى السماء .. دون ان نخاف من الصياد؟ مدت الام يدها الى الطفل بحجر صغير .. ثم استطردت : - بداية حريتنا من هنا يا صغيرى ، أخذ " باسم " الحجر من يد امه .. احتضنه بيديه الصغيرتين .. قبله .. دلف مهرولا الى حجرة نومه .. أغلق النافذة .. قبل الحجر مرة اخرى .. وضمه تحت وسادته .. فرد جسمه الصغير على الفراش .. وراح ينتظر الصباح.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
