مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

منوعات

المتحف المصري الكبير.. عندما تلتقي الحضارة بالتكنولوجيا

2025-10-23 13:35:37 - 
المتحف المصري الكبير.. عندما تلتقي الحضارة بالتكنولوجيا

قبل أيام قليلة من افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يُعد أضخم مشروع ثقافي في تاريخ مصر الحديث، تتجه الأنظار إلى الجيزة حيث تستعد مصر لحدث عالمي سيعيد تعريف تجربة زيارة المتاحف في العصر الرقمي. فالافتتاح المرتقب لا يمثل مجرد مناسبة ثقافية، بل رسالة حضارية وسياحية توظف التكنولوجيا والفن والتنظيم الحديث لإبراز مصر كأحد أهم مراكز الإشعاع الثقافي والسياحي في العالم.

المتاحف الحية.. من المشاهدة إلى المشاركة

في ظل التحول الرقمي الذي طال مختلف القطاعات، لم تعد المتاحف مجرد أماكن لعرض القطع الأثرية خلف الزجاج، بل أصبحت فضاءات تفاعلية تُعرف اليوم باسم "المتاحف الحية"، حيث يعيش الزائر التجربة بدلاً من الاكتفاء بمشاهدتها.

ويقول محمد علاء، خبير تكنولوجيا العرض الرقمي وتطوير المحتوى المتحفي، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن مفهوم "المتحف الحي" يمثل ثورة في طريقة تقديم التاريخ للجمهور، إذ "يجعل الماضي ينبض بالحياة عبر أدوات حديثة تمزج بين الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR) والذكاء الاصطناعي (AI)، بما يتيح للزائر أن يعيش القصة لا أن يراها فقط".

ويضيف علاء أن هذه التقنيات تتيح تجربة غير مسبوقة، يتحول فيها الزائر من متفرج إلى مشارك، فيمكنه التفاعل مع شخصيات من التاريخ المصري القديم مثل الملكة نفرتيتي، أو مشاهدة معارك تاريخية بتقنيات الهولوغرام، مما يعزز ارتباطه الوجداني بالتراث الإنساني.

تجربة تفاعلية تُعيد العلاقة مع التراث

من جانبه، يرى الدكتور محسن صالح، أستاذ تكنولوجيا التراث بكلية الآثار، أن هذا التحول الرقمي "غيّر طبيعة العلاقة بين الجمهور والمقتنيات، إذ أصبح الزائر جزءًا من القصة، لا مجرد مشاهد لها"، مشيرًا إلى أن نجاح المتاحف الحديثة يعتمد على التفاعل، خاصة أن الأجيال الجديدة تبحث عن التجربة والمعايشة لا عن التلقين.

وكشف مصدر بوزارة السياحة والآثار عن إدخال عناصر رقمية جديدة في أسلوب العرض بالمتحف، مثل الشاشات التفاعلية التي تتيح استكشاف تفاصيل القطع الأثرية، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتقديم شروحات صوتية مخصصة بحسب اللغة أو الفئة العمرية. كما يجري تدريب المرشدين الأثريين على استخدام أدوات الواقع الافتراضي لتقديم جولات رقمية داخل قاعات العرض، ما يجعل المتحف المصري الكبير نموذجًا إقليميًا للمتاحف الذكية.

بوابة مصر إلى المستقبل

ويُعد افتتاح المتحف في الأول من نوفمبر المقبل إعلانًا رسميًا لدخول مصر عصر المتاحف الذكية. فالمتحف الذي يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، بينها المجموعة الكاملة لتوت عنخ آمون، سيقدم تجارب تفاعلية تجمع بين تقنيات الواقع المعزز والهولوغرام والعروض السمعية والبصرية، لتعيد سرد التاريخ المصري بطريقة لم يشهدها العالم من قبل.

ومن أبرز مظاهر التجهيز نقل مركب الشمس الثانية للملك خوفو من جوار الهرم الأكبر إلى قاعة عرض خاصة داخل المتحف، في واحدة من أعقد عمليات النقل الأثري عالميًا. كما ستُعرض مقتنيات توت عنخ آمون بالكامل لأول مرة في مكان واحد، في عرض وصفه خبراء الآثار بأنه "نقطة تحول في سرد التاريخ المصري القديم".

تكامل الجهود الوطنية

وفي تصريح خاص، أكد الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن المتحف المصري الكبير يمثل "نقطة تحول في تاريخ المتاحف العالمية"، موضحًا أن المشروع يجسد "رمزًا لتكامل الجهود الوطنية في الحفاظ على الهوية المصرية وتقديمها للعالم بأحدث الوسائل".

أما عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس، فاعتبر أن المتحف سيغيّر خريطة السياحة الثقافية في المنطقة، مشيرًا إلى أن "العالم سيشهد أكبر عرض لتاريخ حضارة واحدة في مكان واحد، فكل قطعة تم اختيارها لتروي فصلًا من فصول مصر القديمة".
وأضاف أن المشروع "ليس مجرد إنجاز أثري، بل استثمار وطني في القوة الناعمة المصرية يعزز مكانتها في الوعي العالمي".

تطوير شامل لمنطقة الهرم

وفي إطار الاستعدادات للحدث العالمي، أعلنت محافظة الجيزة انتهاء أعمال تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف بالكامل، بما في ذلك رفع كفاءة الطرق والمحاور المؤدية إليه من طريق القاهرة–الإسكندرية الصحراوي وميدان الرماية، وتنسيق المسطحات الخضراء وإنشاء منظومة إضاءة حديثة تضفي طابعًا جماليًا ليليًا. كما تم إنشاء ممشى سياحي يربط المتحف بمنطقة الأهرامات وتوسعة ساحات الانتظار لاستيعاب الزيادة المتوقعة في أعداد الزوار، في خطوة تهدف لتحويل المنطقة إلى مركز جذب سياحي متكامل يعكس وجه الجيزة الحضاري الجديد.

مساحة إعلانية