مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إيمان بدر
حينما صدحت السندريلا بكلمات الرائع صلاح جاهين ( وأحنا هنفرفش إمتي أمال دلوقتي ولا في سبتمبر) لم يكن الهدف مجرد أغنية ترويجية لفيلم ( أميرة حبي أنا) بطريقة (اكتب يا جاهين ولحن يا طويل) أي كلام، ولكن الكلمات كانت تعبر عن حالة من الاكتئاب النفسي التي تصيب غالبية المصريين بل وغالبية الناس مع بدء حلول فصل الخريف ومن بعده الشتاء، ولأن ( جاهين) نفسه كان مريض اكتئاب مزمن تتكرر عليه نوباته المتتالية فهو الأقدر علي الكتابة في هذا الشأن، ومن مفارقات القدر أن سعاد حسني نفسها أصيبت فيما بعد بنفس مرض الاكتئاب اللعين ليس بسبب تغير فصول السنة ولكن لأسباب تتعلق بمتغيرات شباك التذاكر والحياة الشخصية والعاطفية.
أما عن اكتئاب الخريف فيعرفه الأطباء بأنه نوع من الاكتئاب الموسمي المرتبط بتغير فصول السنة يبدأ في أوائل سبتمبر من كل عام مع بداية انكسار ضوء الشمس وغروبها وحلول الظلام مبكراً عن الفترة السابقة لهذا التغير، وخلال هذه الفترة يتسرب الظلام إلي داخل الإنسان المريض والمعرض للإصابة، فيشعر بفقدان الطاقة واضطراب المزاج بسبب تراجع إفراز هرمون السيروتونين نتيجة ضعف ضوء الشمس، علما بأن هذا الهرمون مسئول عن ربط مسارات الخلايا المتحكمة في المزاج، بمعني أن وجود أي خلل في المسارات التي تنقل السيالات العصبية في الدماغ يترتب عليه تغير سلبي في الحالة المزاجية للإنسان.
ولكل من هو الانسان الأكثر عرضة لهذه الأعراض، يؤكد المتخصصون أن النساء والشباب هم الأكثر عرضة للشعور بحالات اليأس وعدم القيمة وفقدان الاهتمام وسرعة الانفعال المرتبطة بهذا النوع من الاكتئاب، كما يتميز النساء عن غيرهن بأنهن أكثر ميلاً إلي تناول الطعام بكميات كبيرة خاصةً النشويات والحلويات والشيكولاتة والمعجنات، أما الشباب فهم الأكثر نوما لساعات طويلة خلال فترات النهار، وتتشابه جميع الفئات المعرضة لهذا الاكتئاب في أن الأسباب الوراثية والجينية تلعب دوراً مهماً في التعرض للإصابة، كما أن تكرار التعرض للاكتئاب بأنواعه المختلفة يزيد من فرص حدوثه مرات جديدة متتالية بشكل أسرع.
وبالعودة إلي أغنية الفنانة الأسطورية سعاد حسني نجد أن كلمات الشاعر العبقري قدمت الداء والدواء، حيث قالت ( خد شمس وهواء علي مية بلا دوا بلا عيا بلا مر) حيث يري الأطباء أن العلاج يكون بكثرة التعرض لضوء الشمس المباشر وممارسة الرياضة في الهواء الطلق والشمس الساطعة خاصةً رياضة المشي وسط الطبيعة أو فوق أسطح المنازل، ويحذرون من استخدام مضادات الاكتئاب إلا بعد استشارة الطبيب وفي أضيق الحدود، ومن أجل هؤلاء تقدم غالبية فنادق المدن الساحلية والسياحية عروض خاصة وتخفيضات خلال فترة الخريف والشتاء، ليس من أجل علاج ضحايا الاكتئاب ولكن بحثا عن نزلاء في أوقات تتدني فيه نسب الاشغال لأقل معدلاتها بسبب انشغال غالبية الأسر ببدء العام الدراسي وبدء الدروس الخصوصية استعداداً للدراسة.
وعلي ذكر هذه الأحداث يربط خبراء الاقتصاد المنزلي بين مصاريف المصايف التي تعقبها مباشرة مصاريف المدارس والجامعات والدورس والسبلايز، وتسبقها عادة مصاريف رمضان والاعياد، وبين حالة الاكتئاب التي تصيب رب الأسرة سواء كان أبو العيال أو أمهم، ولكنه اكتئاب مرتبط بالافلاس وضيق ذات اليد، ولا علاقة له بتغير الفصول المناخية بل يتصل مباشرةً بالفصول الدراسية.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
