مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

محمد دياب يكتب : مادة الدين في المدارس

2025-02-02 06:34:47 -  تحديث:  2025-02-02 06:34:10 - 
محمد دياب يكتب : مادة الدين في المدارس
محمد دياب

قرار وزارة التربية والتعليم بدمج مادة الدين كمادة أساسية ضمن مجموع شهادة الثانوية العامة جاء ليعيد التأكيد علي الدور الحيوي الذي تلعبه التربية الدينية في بناء المجتمع المصري. ففي وقت تعصف فيه التحديات المجتمعية يُعتبر الدين مصدراً أساسياً للمبادئ والقيم التي تساهم في توجيه الشباب نحو دروب السلوك القويم وبناء شخصية وطنية سليمة
ولكن علي الرغم من الأبعاد الإيجابية لهذا القرار فقد قوبل برفض من بعض الأوساط في المجتمع وظهرت بعض المخاوف المبالغ فيها التي تتعلق بعدم تكافؤ الفرص بين الطلاب من أديان مختلفة. وقد تم توجيه بعض الاتهامات الزائفة بأن تدريس الدين يُستخدم كأداة لتحقيق أهداف سياسية أو إيديولوجية معينة. لكن الحقيقة هي أن التعليم الديني ليس سوي أداة لزرع المبادئ الإنسانية العالمية التي يشارك فيها جميع الأديان كالصدق والأمانة والاحترام والعدل
إن إقحام الدين في المناهج الدراسية ليس دعوة للتفرقة أو تعزيز التعصب بل هو دعوة لتربية أجيال علي قبول الآخر واحترام الاختلافات. والحديث عن “مساواة” بين امتحانات الدين الإسلامي والدين المسيحي يُعد حديثاً بعيداً عن الواقع. إذ أن النظام التعليمي المصري يمتلك آليات واضحة تراعي التنوع الديني وتؤكد علي تكافؤ الفرص دون استثناء. مثلما تُطبق قوانين الأحوال الشخصية دون تمييز فإن مسألة تدريس الدين لا علاقة لها بالتمييز الديني بل هي دعوة لتوجيه الطلاب نحو مبادئ إنسانية مشتركة مع الحفاظ علي هويتهم الدينية الخاصة
المعضلة الحقيقية ليست في تدريس الدين بل في محاولة البعض استبدال الدين بمادة “الأخلاق” وكأن القيم الإنسانية يمكن فصلها عن جذورها الدينية. الأخلاق ليست مجرد مجموعة من المبادئ العامة التي يمكن صياغتها دون إشارة إلي السياق الديني الذي ينبع منه الفهم الأعمق للأمور. ومن هنا يصبح من غير المنطقي أن ندعي أن التعليم الأخلاقي يمكن أن يكون بديلاً عن التعليم الديني الذي يربط بين مبادئ الحياة اليومية وبين المفاهيم الروحية والعقائدية
من الملاحظ أن المجتمعات التي أجهضت قيم الدين من العملية التعليمية شهدت تراجعاً في النواحي الأخلاقية والاجتماعية إذ ساهم هذا التهميش في اتساع الفجوة القيمية بين الأفراد وانتشار السلوكيات السلبية مثل العنف والانحلال الأخلاقي. لقد أظهرت التجارب التاريخية أن الدين هو مرشد لا غني عنه في بناء المجتمع المتماسك.

مساحة إعلانية