2025-05-23 05:29:26
مساحة إعلانية
كن دفئك حين يبرد العالم
في زحام هذا العالم الذي لا يرحم، حيث تمر الأيام كالعواصف لا تلتفت لأحد، تذكّر أن سلامك الداخلي ليس مجرد رفاهية… بل هو آخر ما تبقّى لك حين يخذلك كل شيء. إنه طوق نجاتك الأخير حين تغرق السفن من حولك ، ولا تهدر هدوءك في سبيل رضا الآخرين، لا تسمح لصخب الحياة أن تسرق منك صمتك الجميل، ذلك الصمت الذي يحفظك من الانهيار حين تتداعى الأشياء من حولك.
إن اهتزّ عالمك من الداخل، ستنهار كل زواياك، حتى تلك التي ظننتها محصنة. فلا تنتظر من يصنع لك الطقس، كن دفئك في مواسم البرد، وكن ضوءك حين تطفأ كل المصابيح. لا تعتد على الانتظار، فالفرح الذي لا تصنعه بنفسك، سيظل مهددًا بالغياب.
ابتعد عن الغارقين في الشكوى، أولئك الذين لا يجيدون سوى إغراقك في بحور الحزن، دون نية للنجاة. لا تكن طوق النجاة لمن اختار الغرق، فليس كل من يتألم يريد الخلاص، وليس كل من يقترب يستحق أن تمنحه روحك.
احذر المجالس التي تشبه الليل الطويل، التي تُفرغ فيك أوجاعها ثم تمضي، تاركةً خلفها فوضى في قلبك لا تشبهك. ولا تُطل الجلوس في الأماكن التي لا يُذكر فيها سوى الظلام، فحتى خلف الغيوم، هناك شمس تحاول أن تشرق ، فالكون مهما عبست سماه، لا يبخل بشمسه.
ابحث عن أولئك الذين يزرعون الأمل بصمت، الذين يرممون جراحهم بخيوط من الصبر والرضا، ويمنحونك الحياة بابتسامة، ولو كانت قلوبهم مثقلة. أولئك الذين يمرّون كنسمة، لا كإعصار. قلّ عددهم… لكنهم الحياة ، وهم قلة، نعم، لكنهم الحياة حين تضيق.
نحن بأمسّ الحاجة إلى هذه الأرواح الطيّبة، التي تمر بنا كأنها دعاء مستجاب، وتترك فينا أثرًا لا يُنسى. . كن أحدهم... أو على الأقل، لا تكن من يطفئ شموع الآخرين.
سلامك الداخلي ليس ترفًا، بل هو الملاذ الأخير حين يكسرك التعب، ويخذلك القريب. لا تسمح للأحاديث المسمومة أن تلوث قلبك، ولا للأشخاص الثقيلين أن يسرقوا منك نفسك ، العزلة ليست هروبًا، بل شفاء حين تُصاب بكثرة الازدحام.
اجلس مع قلبك، أنصت لوجعه، طمئنه، وامسح عنه غبار الخذلان. لا تمنح أذنك لكل عابر، ولا قلبك لكل طارق، فبعضهم لا يأتي إلا ليخلّف وراءه حطامًا.
راحة بالك أغلى من كل تصفيق زائف ، وسلامك أصدق من أي ابتسامة مزيفة، ابحث في داخلك أولًا، في الزاوية التي لم يلوثها أحد فيك أنت، لا فيهم، فابحث في مرآتك، لا في أعين الآخرين.