مساحة إعلانية
لم ينتبه قادة جيوش العالم المحتل أن المدافع عن أرضه ،وعرضه ليس كالغازي العربيد المحتل . فما أشبه اليوم في غزة بالبارحه في فيتنام؛ حين اشتعلت الحرب بين قوات أمريكا ، ومقاومي فيتنام المدافعين عن أرضهم ، ومن لم يسمع عن تلك الحرب التي دارت رحاها بعد الحرب العالمية الثانية من عام 1954 م حتى عام 1973 م ما يقارب 23 عاما من الحروب الضارية التي استخدمت فيها أمريكا كل صنوف الأسلحة من طائرات و بوارج بحرية وقوة برية على الأرض والتي انتهت بانسحاب أمريكا منهزمة ؛ بعدما كبدت الفيتناميين خسائر في الأرواح تقدر بثلاثة ملايين نسمة ما بين مدنين وعسكريين ودمرت العديد من المدن والقرى بينما كان حصيلة القتلى في الصفوف الامريكية حوالي
58 ألف جندي أمريكي مقاتل بالإضافة الى الاف الجرحى و المشوهين نفسيين جراء ما لاقوه في الحرب على ارض فيتنام ويقال بعد إنتهاء الحرب أنتحر ثلاثة الاف شخص من الجنود المرضي النفسيين الذين عادوا أحياء من أرض فيتنام . كلمة السر في الانتصار :-
أهل الأرض أدرى بشعابها . حيث حفرت المقاومة الفيتنامية العديد من الخنادق والأفخاخ المتنوعة ما بين سهام خشبية وكلابات حديدية بعدها مدهون بسموم فتاكة فعندما يمر الجندي الأمريكي ضاغطا بقدمه على الفخ ينغرس في قدمه أخشاب مدببة مطلية بسم قاتل او يقع في فخ حديدي يقبض على قدمه بقوة مسببا كسر في العظام وتهتكا في العضلات و الاوردة فيموت من النزف او السم ومن ينجو يصاب بالجنون من هول ما شاهد فكانوا يقاتلون أشباحا حيث كان الفيتناميين يعيشون في أنفاق تحت الأرض بعمق يصل إلى ثلاثون مترا تلك الأنفاق.
مجهزة بكل سبل الحياة والراحة وتشكل متاهة لا يمكن الخروج منها لمن لا يعرف خريطتها . فكان يعيش فيها المقاتلون الفيتناميين عدة أسابيع بل عدة شهور لا يخرجون الا لقنص الجنود الأمريكيين ثم يعودوا بسرعة الى مخابئهم في الأنفاق التي توفر لهم سبل الحماية من أعين الامريكان .
أنفاق غزة :-
ألا تذكرك تلك القصة بما نشاهده الأن مع المقاومة الفلسطينية ضد المحتل الغاشم ؟ يبدوا أن المقاتلين الفلسطينيين عملوا بنفس فكر الفيتناميين حيث حفروا شبكة من الأنفاق تحت غزة بأكملها ؛ فأصبحت مدينة من الأنفاق أسفل مدينة غزة العلوية التي دمرت بالكامل تحت قذائف العدو الغاشم و بالرغم من كل هذا التدمير ظهرت المقاومة بكامل عتادها ممن تحت الأنقاض مما أسترعى أنتباه العدو و أشعل الغيظ في قلوبهم المريضة سائلين ماذا فعلنا طيلة خمسة عشر شهرا
وبعدما تكبدوا خسائر في الارواح والمعدات وبعدما بثت الجزيرة فيلما وثائقيا تحت اسم -ما خفى أعظم - وشاهدنا كما شاهد العالم كيف للمقاتلين الفلسطينيين يعيشون في الأنفاق و لديهم ورش لصناعة الذخائر الثقيلة والخفيفة من طلقات الكلاشينكوف مرورا بقذائف الياسين وحتى الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى كيف لهم يجمعون فوارغ القذائف لإعادة تصنيعها ؟! ويكتبون عليها ( بضاعتكم ردت إليكم )
كم من مرات حاولت دولة الاحتلال تدمير الأنفاق ، أو إغراقها بمياه البحر ولم يفلحوا بل ولن ينجحوا؛ لأن المقاومة بها مهندسين وخبراء لديهم القوة والخبرة لبناء مدينة بالكامل تحت الأرض فلقد نمى إلى علمي أنه لديهم المهندسين الذين يقيسون درجة صلادة التربة و قوة الخرسانة والتحصينات ضد القذائف ، ولديهم مهندسين في شبكات الاتصال والترقب والترصد للإشارات اللاسلكية لدرجة أنهم اكتشفوا خائن يسرب المعلومات عن الأنفاق إلى المحتل من خلال جهاز شديد التعقيد وصعب التعب لدرجة أنه يغير تردده عدة مرات في الثانية الواحدة وبالرغم من ذلك تم تعقبه وإلقاء القبض عليه و هو مهندس يعمل بالأنفاق وحوكم بالإعدام قبل تنفيذ طوفان الاقصى بيومين بكل ما قدمناه من معلومات سطحية وما خفى أعظم أننا أمام مجموعة من البشر لا تهاب الموت محصنة بقوة العقيدة ومسلحة بالعلم . فهل لم يدرك العدو خطورة المقاومة ولم يتعلم الدرس من التاريخ فما أشبه اليوم بالبارحه و غزة اليوم هي فيتنام الأمس .