مساحة إعلانية
بقلم شادن دياب
يحتفي معرض القاهرة الدولي للكتاب بمجموعة قصص بطاقة حي بن يقظان بمناقشتها في يوم الاثنين ٣ فبراير ويتحدث في اللقاء الكاتبة عبير العطار و الكاتب مجدي نصار واتشرف بإدارة اللقاء حولها
مجموعه حي بن يقظان القصصية تُجسد حركة داخلية عميقة تتسلل إلى المشاهد المرسومة، حيث تنبض هذه المشاهد بحركة ضمنية تتجلى بلغة بسيطة وسهلة، ولكنها تحمل إيقاعًا حركيًا متكاملًا. هذا الإيقاع يتجسد بشكل خاص في الحوار العقلي الذي يدور في النص، وفي التفاعل بين الشخصيات والأفكار، ما يخلق مساحة للتأمل والتساؤل.إذا نظرنا إلى النص ككل، نجد أنه يعكس ديناميكية بين أبعاد متعددة:
1. البعد الفكري: حيث يقدم النص جدلًا بين العقل والروح، وبين الأسئلة الوجودية والحلول الممكنة، مما يفتح المجال للتفكير العميق حول معنى الحياة والوجود.
2. البعد الفني: يتحقق في الطريقة التي تُبنى بها المشاهد، حيث تُصبح الكتابة أشبه بموسيقى داخلية تُحرك القارئ بين السطور، مما يجعل النص يتناغم مع المشاعر والأفكار المتناثرة.
3. البعد الاجتماعي: يتناول النص تحديات الإنسان المعاصر، سواء في مواجهة التكنولوجيا أو في البحث عن مكان للإنسانية في عالم يزداد تعقيدًا. فالمجتمع واحتياجاته تتداخل مع الأسئلة الشخصية والوجودية للأفراد.
النص يشبه لوحة فنية متكاملة، حيث يقف الكاتب بعيدًا، يروي لنا بعين الراصد الذي يرى الصورة كاملة، لكنه في الوقت نفسه يدعونا للاقتراب، للتفاعل، والمشاركة في الحوار الذي يطرحه. إنه نوع من الفن الذي لا يُكتفى بأن يكون مراقبًا للحياة، بل يصبح جزءًا منها، يحلل التحديات الاجتماعية، يواجه الأسئلة الوجودية، ويحتضن جماليات الفن والموسيقى في الكتابة.
: يمكننا القول إن حي بن يقظان ليست مجرد مجموعة قصصية تُروى، بل هي تجربة حية تجمع بين متعة السرد وعمق الفلسفة وتنوع أبعاد الحياة. الكاتب يدفعنا للتساؤل: كيف نرى حياتنا من بعيد؟ وكيف نعيد رسمها من الداخل، سواء على الصعيد الشخصي أو الاجتماعي؟
مراحل العمر وصراع الوجود في الأدب والتحديات المعاصرة
في أعمال أسامة ريان، يتجلى بوضوح كيف يعبر الكاتب عن مراحل الحياة المختلفة من خلال شخصياته، وهو ما نراه أيضًا في مجموعته القصصية حي بن يقظان. فكل مرحلة عمرية تحمل تحدياتها الخاصة، بدءًا من مرحلة الشباب، مرورًا بالشيخوخة، وصولاً إلى مرحلة المراهقة. عبر هذه المراحل، تتطور الشخصيات وتخضع لتجارب حياتية تتراوح بين التأمل الذاتي والصراع مع الواقع المحيط.
في رحلة حي بن يقظان، التي تبدأ بالطفولة على جزيرة نائية، نلاحظ أن أسامة ريان في قصصه الأخرى يعرض المراحل العمرية لشخصياته، حيث تتداخل التحديات الوجودية مع التطور الشخصي. وبالرغم من أن الطفولة ليست محط التركيز الأساسي في القصص المعنية، إلا أن تطور الشخصيات يبدأ منذ مرحلة النضوج الفكري والوجداني.
1. مرحلة الشباب: في شخصيات مثل فايز في الخدمة العسكرية، يظهر الصراع مع الهوية والتطور الذاتي. الشاب في هذه المرحلة يواجه تحديات من النوع الوجودي، حيث تبرز أسئلة البحث عن الذات والتفاعل مع المجتمع وتوجهاته. هذه الفترة تمثل مرحلة التكوين والتعلم، إذ يتشرب الإنسان التجارب الحياتية التي تبني رؤيته عن الحياة والوجود.
2. مرحلة المراهقة: في قصص أخرى، مثل شخصية أبلة قدريه، نرى التشابك بين التحديات العاطفية والتوترات النفسية التي يمر بها الإنسان في هذه المرحلة. ففي المراهقة، يصبح الصراع الداخلي مع الذات أكثر وضوحًا، حيث تكون هناك رغبة شديدة في فهم العالم من حوله وفي إيجاد مكان له فيه.
3. مرحلة الشيخوخة: في قصص مثل "الجد"، نجد شخصية تعاني من صراع داخلي ضد الفراغ والمرض الذي يهدد الوجود نفسه. هذه المرحلة تكشف عن التحدي الذي يواجهه الإنسان في محاربة الفناء والشيخوخة، حيث يصبح الصراع مع الزمن والجسد هو التحدي الأبرز.
4. فقدان الأمل في مرحلة الأبوة: في قصة قصة بائدة، يتعامل الأب مع فقدان الأمل والموت، حيث يظهر دور الأب في محاربة المرض بكل ما يملك. هذا الصراع يكشف عن مدى عمق العلاقة بين الأب ووجوده، والكيفية التي يواجه بها التحديات الحياتية في ظل فقدان الأمل.
أسامة ريان في هذه القصص لا يقتصر على سرد الأحداث فقط، بل يضيف إليها أبعادًا فلسفية وفكرية تعكس صراع الإنسان في مختلف مراحله العمرية. ففي كل مرحلة، يواجه الشخصيات تحديات متباينة: في مرحلة الشباب يكون الصراع مع الهوية والوجود، في الشيخوخة يكون الصراع مع الفناء والمرض، وفي كل مرحلة، يظل الإنسان يبحث عن المعنى وسط التحديات الوجودية التي يواجهها.
التحديات المعاصرة في الأدب وصراع الإنسان
إلى جانب التحديات الإنسانية التقليدية التي عرضها أسامة ريان في رواياته، هناك أيضًا التحديات المعاصرة التي تهيمن على العالم اليوم. هذه التحديات تتنوع بين التكنولوجيا السريعة التطور، والتغيرات الاجتماعية. في عالمنا المعاصر، يطرح أسامة ريان في أعماله تساؤلات عميقة حول كيفية تأثير هذه التحديات على الإنسان في مراحل عمره المختلفة وكيفية تأقلمه معها.
في قصته أسماء وحلال العقد، نرى الشخصية الرئيسة التي تواجه تحديات حياتية معقدة لا تتعلق فقط بالصراع الداخلي أو الصراعات مع الآخرين، بل بالصراعات مع العالم المعاصر بكل ما يحمله من تعقيدات. تتناول القصة الإشكاليات الاجتماعية والسياسية التي تواجهها الأجيال الجديدة، كما تعرض الصراع الشخصي الذي يعيشه الأفراد في محاولاتهم للتأقلم مع الواقع المتغير من حولهم..
الكاتب أسامة ريان: الموسوعي
لقد عرفت الأستاذ أسامة ريان، الموسوعي في المعرفة، وأراه مصدر إلهام دائم لي. من خلال كتبه وأعماله المتعددة، أرى فيه تجسيدًا للقدرة على المزج بين فن كتابة القصص القصيرة وتأمل الفلسفة، مما يفتح الباب أمام مناقشات لا نهائية وفضاءات فكرية غنية للنقاش.
رحلة تتداخل فيها الفلسفة مع الأدب، والتأمل مع الإبداع، والواقع مع الخيال. نموذج للكاتب الذي لا يكتفي برواية الحكايات، بل يصنع من كل نص مساحة للحوار، للتفكير، ولإعادة النظر في جوهر العلاقات البشرية.
دعوة للمشاركة في النقاش
يسعدني أن أقدم لكم دعوة لحضور مناقشة حول كتاب أسامة ريان، التي ستُقام في الثالث من فبراير أدعوكم للانضمام إلينا في الساعة 4:30 مساءً في معرض الكتاب، بلازا 1. سيكون من دواعي سروري أن أكون جزءًا من هذا النقاش... ستكون هذه الفعالية فرصة رائعة لاستكشاف عوالمه الفكرية والأدبية، وأن أدير النقاش معكم. سيشارك في النقاش كل من الأستاذة عبير عطار والأستاذ مجدي نصار .تمثل فرصة مثالية للتفاعل مع أفكار الكاتب واستكشاف قضايا متعددة تتراوح بين الفلسفة، الأدب،