مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

الشاعر والباحث درويش الأسيوطي يكتب:اللهجة البحراوية

2025-02-04 08:55:04 -  تحديث:  2025-02-04 08:54:49 - 
الشاعر والباحث درويش الأسيوطي يكتب:اللهجة البحراوية
الشاعر والباحث درويش الأسيوطي

  تميز الوجه البحري بلهجة خاصة منذ آلاف السنين، من قبل أن يوحد (مينا) الوجهين البحري بالقبلي. والدليل على ذلك وجود لهجة خاصة في الخط القبطي للغة المصرية القديمة اسمها (القلم البحراوي). واللهجة (البحراوية) هي اللهجة التي تنتشر في الوجه البحري، من الاسكندرية ومدن القناة والدلتا والقاهرة والجيزة، وتمتد إلى قرى شمال بني سويف. وهي اللهجة السائدة حاليا في أجهزة الإعلام، والفنون القولية الرسمية وشبه الرسمية، والغالبة على ألسنة كثير من الناس، حتى في صعيدنا هذه الأيام. ويميز نطق أهل الوجه البحري للغة الشعبية المصرية عدة ملامح صوتية:  
* الملمح الأول: هو تحـويلها (القاف) إلى (همـزة). فلعلك استمعت إلى الفنان محمد عبد الوهاب مغنيا:(أُولِّي عَمَلَّكْ إيهْ.. ألْبِي إللّي انتَ نَاسيهْ) أي(قل لي عمل لك إيه قلبي إللي انت ناسيه). ويقال لك :( فلان رَاجِلْ زُوءْ ) أي رجل يتحــلى بالذوق السليم، وصباحك (إشطه ) أي صباحك (قشطة) أو صباحك أبيض بلون القشدة. 
* الملمح الثاني:  حرف (الجيم)، تقترب في نطقها من القاف اليمنية. وهي سنة لغوية 
    من سنن بعض القبائل العربية. ولا ينطبق هذا تماما على بعض مناطق الوجه البحري 
    كالشرقية والاسكندرية ورشيد وغيرها من اللهجات المحلية. 
* الملمح الثالث: استخدام المتكلم ( باء الاستمرار) لافتتاح أفعال المضارعة. فيقال: (بأول لك إيه.؟) أي بأقول لك إيه؟. وهذا يعطي للفعل المضارع دلالة الاستمرار.    
واللهجة البحراوية تستخدم (الهاء) فقط للتعبير عن زمن المستقبل دون الأدوات الأخرى.  
* الملمح الرابع: تحويل (السين) إلى (صاد) وفق شروط سنعرض لها لاحقا.  
* الملمح الخامس: إمالة بعض حروف المد بالفتحة، وفق قواعد وشروط سنعرض لها لاحقا. 
* الملمح السادس: استخدام لفظتين استخدامات اصطلاحية متعددة الدلالة: الأولى لفظة(بِتَاعْ)؛ وتطلق للدلالة على الملكية، كما تطلق على المجهول من الأمور والأشياء، وتطلق أيضا على مالا يحب التصريح باسمه. فيقال : 
 الْكِتَابْ بِتَاعَكْ ,
هَاتْ الْبِتَاعْ اسْمُه إيِهْ دِهْ. 
شِرِبْ الْبِتَاْعْ دَا وِسِكِرْ. 

أما اللفظة الثانية فهي (بأه/ بأى ) أو كما نقولها ( بقى ). فتطلق للتنبيه، وللتأكيد على تمام (الأمر) أو(النفي)، أو الاستفهام أو(التوكيد) بشكل عام والتعجب أيضا . فيقال: 
بَأَى عَايِزْ تِنْسَانِيْ؟ 
اسْمَعْ بَأَه أمَّا أؤُلْ َلكْ .. 
مَا كْفَايَه بَأَى اللي حَصَلْ 
لما انت شتمته ، زعلان منه ليه بأه؟
* الملمح السابع : عند الوقوف علي أداة النهي أو النفي ( لا ) . تؤكد بالهمزة ، فيقال لأ  أو لأه .
* الملمح الثامن : لا تنطق حروف المد بالإمالة، بل تنطق كل حروف المد حروف مد صريحة. 
* الملمح التاسع : استخدام لفظة(أَبْلَهْ) (قَبْلَهْ) بمعنى( أولا ). فتغني أم كلثوم: إنْتَ عَارِفْ أَبْلَه مَعْنَى الْحُبْ إيهْ ؟
* الملمح العاشر : تحذف اللهجة البحراوية ألف المد في النطق للماضي إن جاءت في (عين فعل).مثل : قال لك إيه ( ألك إيه ) فاطمه: (فطمه). 
* الملمح الحادي عشر:عند إضافة ضمائر الملكية(ما عدا المفرد) إلى الاسم الثلاثي  المعتل الثاني، يهمل نطق حرف العلة مثل : بِيَتْنَا / بِتْنَا ، بِيَتْهُمْ /بتْهُمْ ، بِيَتْكُو/  بِتْكُو . 

        وإلى جوار تلك الملامح الشائعة؛ تتعامل اللهجة البحراوية بكثير من الترقيق في نطق بعض الحروف كـ (الصاد)، فتقترب من (السين)، و(الطاء) فتقترب من (التاء)،.إلخ.وهذا لا يمنع من ظهور بعض الفوارق في نطق اللهجة البحراوية بين القاهرة والدلتا أو الفيوم أو قرى بني سويف الشمالية، لكنها فوارق غير جوهرية. وفي النهاية نستطيع القول باطمئنان أن اللهجة البحراوية لا تختلف كثيرا عن اللهجة الصعيدية ، فكل اللهجات تتفرع من لغة واحدة هي (اللغة الشعبية المصرية) وتخضع لنفس قواعد البناء والتركيب اللغوي.

( من مخطوط كتاب : (مدخل إلى دراسة قواعد اللغة الشعبية المصرية )للشاعر والباحث درويش الأسيوطي 

مساحة إعلانية